وصول سعره إلى 9 جنيهات ضد المنطق وضد العقل
السؤال الذى يبحث عن إجابة تريح الناس فى مصر وتهدأ من ثورة غضبهم واندهاشهم، هو كيف فشلت الحكومة فى مواجهة مافيا الأرز فى مصر؟، أو بصورة أخرى أكثر دقة، كيف تفشل فى حرب الأرز وتترك سعره بكل بساطة يصل إلى 9 جنيهات للكيلو، فى مقابل مكاسب بمليارات الجنيهات لحفنة من التجار المحتكرين لا تقدر الدولة على مواجهتهم، وكسر احتكارهم على سلعة غذائية أساسية للشعب المصرى؟.
ماذا نسمى ما يحدث فى سوق الأرز.. هل هو فشل حكومى أم فرد عضلات وبلطجة من كبار التجار، دون خوف من الحكومة أو من قوانينها وحملاتها؟.
هل معقول أن مصر التى تصنف كواحدة من الدول المصدرة عالميا للأرز ولديها فائض سنوى دائما يقدر بحوالى مليون طن وإنتاجها يتجاوز 6 ملايين طن، ويصل فيها سعر الكيلو لـ 9 و10 جنيهات.. بل يصل الأمر إلى أن تلجأ مصر للاستيراد من الخارج فى ظل نقص العملة الأجنبية وتجاوز الدولار حاجز الجنيهات العشرة فى السوق السوداء!.
مصر يقدر إنتاجها من الأرز فى 7 محافظات، حسب وزارة الزراعة، بأكثر من 6,6 مليون طن أرز، شعير، وهناك فائض من العام الماضى فى حدود مليون طن، وبالتالى فإن المعروض فى حدود 4 ملايين، و200 ألف طن أرز أبيض، نستهلك 3 ملاين طن، وبالتالى سيكون الفائض لدينا أكثر من مليون طن، يمكن التصدير من هذه الكمية للخارج، طبقا للضوابط التى تضعها وزارة الصناعة التجارة الخارجية.
وحتى نزيد حجم الدهشة من أزمة الأرز الحالية، نعيد للذاكرة أن مصر كانت تعتبر من الدول الرئيسية المصدرة للأرز فى الوطن العربى، مما جعله مصدراً أساسياً لحصيلة النقد الأجنبى، حيث بلغت قيمة صادرات الأرز المصرى نحو 1.3 مليار جنيه حتى عام 2004، ومع توقف التصدير وانسحاب الأرز من السوق العربية لصالح الباكستانى والهندى والاسترالى خسرنا موردا مهما للعملة الأجنبية، ويحتاج الأمر جهدا كبيرا لعودة الأرز المصرى مرة أخرى إلى مكانه فى الأسواق العربية. فهل احتكار مجموعة من التجار لسوق الأرز فى مصر، وعجز الحكومة عن مواجهتهم، يؤدى إلى هذه المأساة، ويدفع الحكومة لأول مرة رسميا إلى استيراد الأرز لصالح هيئة السلع التموينية، التى عجزت عن صرف المقررات التموينية من الأرز للمواطنين، على مدى شهور ماضية فى بعض المحافظات.
المفترض والواجب ألا تترك الحكومة سلعا غذائية استراتيجية مثل الأرز فى أيدى مافيا الأرز، وتقف متفرجة وتترك الشعب يعانى من سعر سلعة من المفترض ألا يزيد سعرها فى الأحوال العادية على جنيهين أو أقل قليلا، فربما هى السلعة الوحيدة فى مصر التى يزيد فيها الإنتاج عن حجم الاستهلاك، ويتبقى فائض عن حاجة المواطنين، بحوالى مليون طن. فلا يعقل أن تعانى مصر من نقص فى الأرز أو يصل سعره إلى 9 جنيهات. فهذا ضد المنطق وضد العقل. ويؤكد أن فيه «حاجة غلط» وأن هناك حكومة غائبة ومغيبة عن إدارة مواردها الداخلية لصالح مافيا معروفة بالاسم، ولا يتخذ ضدها أى إجراءات، رغم أنها تهدد «الأمن القومى» و«تكدر السلم الاجتماعى العام»، وتسعى لإحداث حالة غضب من نظام الحكم.. بالتالى هى تستحق أن تتحرك ضدها أجهزة الدولة المعنية وتطبق عليها كل أنواع العقوبات.
الوضع بصراحة مضحك، ولكنه ضحك يثير الدهشة والحسرة والحزن من عجز وفشل حكومى فى مواجهة عدد من مافيا الأرز لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة..! فهل هناك صمت متعمد على المحتكرين الذين يشترون المحصول من المزارعين ويخزنونه لفترة طويلة لتعطيش السوق، ثم يبيعونه مع ارتفاع أسعاره ويحققون ثروات طائلة. ومن الذى يتواطأ مع المافيا حتى يستفيد هو الآخر..؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة