فى خطوة جيدة تحسب لصالح جميع المساهمين فيها، وافقت وزارة العدل على منح جهاز التنسيق الحضارى صفة الضبطية القضائية التى تمكنه من تحرير المحاضر للتعديات على المنشآت المعمارية ذات الطابع المتميز ورفعها إلى جهات التنفيذ لإزالة هذه التعديات، كما تمكنه من مراعاة الطابع المعمارى المتميز لمدن وشوارع مصر، وتمنحه حق تحرير المخالفات لمن يخالف بنود قانون التنسيق الحضارى.
فى السابق لم يكن جهاز التنسيق الحضارى يملك سوى مناشدة الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تعديات وهدم وتشويه للمبانى ذات الطابع المعمارى المتميز، التى عانت الأمرين بعد أن تراجع الحس الجمالى لدى المصريين لصالح الجانب النفعى التام، وأصبح هدم المبانى المميزة الحضارية أمرا واقعا يتم بالتحايل على القانون أو فى الخفاء منه، وكانت النتيجة أن خلت معظم شوارعنا من الجمال وأصبحنا كتلاً صخرية صماء بدون لمسة جمال تساعدنا على مواصلة الحياة.
وجميعنا يعرف أن المبانى الحضارية التى تم الاعتداء عليها كثيرة جدًّا ربما كان آخرها فيلا شاعر الشباب أحمد رامى فى كوبرى القبة، وحينها ناشد التنسيق الحضارى أجهزة الدولة، لكن لم يستمع إليه أحد، لأن الجانب الذى يتحرك منه الجهاز لا يستوعبه الآخرون تمامًا، لذا فإن منح «التنسيق الحضارى» صفة الضبطية القضائية خطوة جيدة للمحافظة على التراث المصرى العظيم.
لكن حتى تتم الاستفادة الكاملة من هذه الميزة هناك أشياء ضرورية لابد منها، أولا سرعة إحداث الفارق، بمعنى أن المطلوب الآن من المسؤولين فى جهاز التنسيق الحضارى سرعة الانتهاء من الجانب الاحتفالى بحصولهم على هذه الصفة، وأن يبدأوا العمل فى الشارع فيرصدوا الأخطاء ويتخذوا اللازم حتى يشعر المتربصون بالمبانى ذات الطابع المعمارى المتميز بالخطر فيتوقفوا عن ذلك، وهذه الخطوة لا تأتى إلا برصد الحالات المهددة وسرعة اتخاذ اللازم وفرض القانون.
وهذه الخطوة العملية من جانب التنسيق الحضارى بالنزول للشارع ومواجهة المتعدين تحتاج تعاونًا كاملاً مع الجهات التنفيذية فى الدولة، فالمخالفات التى سيرصدها جهاز التنسيق الحضارى، والمحاضر التى سيحررها لن تكون ذات فائدة ما لم تتحرك الأجهزة المسؤولة عن إزالة التعديات لتنفيذها، كما أن المبانى الحضارية التى سيتم حفظها بدون تضافر أجهزة الدولة «التنفيذية» القادرة على مواجهة المعتدين لن تكون هناك فائدة من ذلك.
وهناك جزء آخر مهم فى أمر الضبطية القضائية الممنوحة لجهاز التنسيق الحضارى يتعلق بشوارع وميادين مصر، وأعتقد أنه الآن أصبح تجميل الشوارع وضبط المخالفات فى الميادين يتجاوز فكرة الاستنكار أو التمنى، ويدخل مرحلة جديدة من المراقبة الحاسمة التى تتيح التدخل السريع لمنع التشوهات فى حياتنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة