هل تحقق مبادرة السيسى السلام الفلسطينى الإسرائيلى؟.. بينما وقف الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند الثلاثاء الماضى، ليعلن أن المؤتمر الدولى الذى كان من المقرر عقده فى باريس فى 30 مايو، لمحاولة إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، تم تأجيله إلى الصيف المقبل، ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى بحجر كبير فى مياه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الراكدة منذ سنوات، حينما طالب فى نفس اليوم، من صعيد مصر، وتحديداً محافظة أسيوط، بالتوصل إلى حل حقيقى للقضية الفلسطينية، مؤكداً استعداد مصر لدعم كل المبادرات فى هذا الإطار.
السيسى وصف فى كلمته فرصة التوصل إلى سلام حقيقى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بأنها تفتح صفحة جديدة فى المنطقة، موجها حديثه للفلسطينيين، مطالبا إياهم بتوحيد الفصائل وتجنب الخلافات، مشيرًا إلى أن مصر مستعدة لتقديم جميع المساعدات الممكنة لإيجاد فرصة حقيقية لحل القضية الفلسطينية، كما وجه الرئيس حديثه للإسرائيليين أحزابا وقيادة، للمرة الأولى، قائلا: «إن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام، بالرغم من الظروف التى تمر بها المنطقة.. الحالة التى عشناها فى الماضى وحققت السلام بيننا وبينكم، يمكن أن تتكرر بينكم وبين الفلسطينيين، والقرار قرار القيادة الإسرائيلية والرأى العام»، فى إشارة إلى اتفاقية كامب ديفيد.
واستمر السيسى فى مخاطبة الأحزاب الإسرائيلية بقوله: «توافقوا من أجل حل هذه القضية كى يكون هناك أمل حقيقى للأجيال القادمة»، وتابع: «أقول للفلسطينيين والإسرائيليين لو تم إيجاد حل لهذه المسألة سيكون هناك فرصة عظيمة لمستقبل أفضل، لحياة أفضل، ولاستقرار أكبر ولتعاون حقيقى»، معربا عن أمله فى أن يتفق الجانبان على وضع حل حقيقى لهذه القضية، كما أوضح الرئيس أنه إذا تحقق السلام سيكون هناك واقع جديد فى المنطقة. قالها السيسى من أسيوط، ولم يتوقع أحد أن يكون لما قاله هذا الصدى الكبير، ليس فى تل أبيب أو رام الله وغزة فقط، وإنما فى العديد من عواصم العالم، التى نظرت لما قاله رئيس مصر، على أنه توجه جديد من القاهرة تجاه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، خاصة إن القاهرة بقيت بعيدة عن هذا الملف منذ 25 يناير 2011، لكنها اليوم تعود وبقوة، وبتأييد وترحيب من كل الأطراف المعنية بالقضية، فللمرة الأولى نجد هذا التوافق من جانب كل الفرقاء والمختلفين، للمرة الأولى تتوافق الحكومة الإسرائيلية مع المعارضة، ويقف أبومازن وحماس فى صف واحد، الكل رحب وأيد ويترقب الخطوة المصرية التالية، التى قد تؤدى إلى تصحيح المسار الذى شهد اعوجاجا خلال السنوات الماضية.. ما قاله السيسى رد عليه رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتانياهو، فى بيان بقوله «نرحب بنداء الرئيس المصرى للإسرائيليين، والفلسطينيين للتقدم فى مسألة السلام» مشيدا بقيادته فى هذا الموضوع، مؤكداً أن «إسرائيل مستعدة للمشاركة مع مصر ومع الدول العربية فى دفع عملية السلام والاستقرار فى المنطقة.. وأقدر ما يقوم به الرئيس السيسى وأتشجع من روح القيادة التى يبديها، أيضا بما يتعلق بهذه القضية المهمة».
أما يتسحاك هرتسوج رئيس المعارضة الإسرائيلية، فقال إن حديث السيسى يظهر «إن السلام ممكن»، مضيفاً «أنا أرحب بالإعلان.. فهو إعلان مهم، يظهر إمكانية عملية تاريخية، ومن واجبنا فحصها بصورة جدية، وإلا فسنجد أنفسنا نفعل ذلك بعد الجنازة المقبلة، ومن المهم الاستماع إلى الرئيس المصرى، والنظر بجدية ومسؤولية إلى هذه الفرصة».
وعلى الجانب الفلسطينى، رحب رئيس دولة فلسطين محمود عباس أبومازن، بجهود ومواقف السيسى، وباستعداده لبذل الجهود من أجل تحقيق السلام العادل، وإقامة دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، كما رحبت حركة «حماس»، بتصريحات الرئيس السيسى لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وأكدت الحركة جاهزيتها للتعاطى مع كل الجهود لإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.
ما حدث يوم الثلاثاء، سواء المتعلق بما طرحه الرئيس السيسى، أو ردود الأفعال الإسرائيلية والفلسطينية عليه، يؤكد أن هناك فرصة جادة لتحقيق انطلاقة مطلوبة فى مسار المفاوضات، ويبقى الأمر متوقفاً على الخطوات التالية التى ستقوم بها مصر فى هذا الإطار، آخذاً فى الاعتبار أن الإدارة الإمريكية ستبقى منشغلة بالانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى نوفمبر المقبل، كما أن العديد من عواصم العالم مركزة بشكل كبير على سوريا واليمن والعراق وليبيا، ولا تفكر حالياً فى القضية الفلسطينية، وهو ما يمكن اعتباره ميزة لمصر، لكى تتدخل فى الحل على أرضية المصالح المشتركة، وتحقيق الحلم العربى بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضايا اللاجئين، وهو ما تستطيع مصر القيام به، شريطة أن تصدق نوايا الفلسطينيين والإسرائيليين معاً.