أغلب التعليقات التى صاحبت حادث الطائرة المصرية سارت فى اتجاه واحد، هو أن الحادث سيزيد من معاناة الاقتصاد المصرى، وقالت غالبية التعليقات الغربية أن الكارثة الجوية الأخيرة تضاف إلى سلسلة الضربات التى تلقاها أخيرًا اقتصاد مصر القائم على السياحة، والذى يحاول جاهدًا التعافى، مع الإشارة بالطبع فى كل تقرير خبرى بالصحف الغربية إلى أن سقوط طائرة مصر للطيران، فجر الخميس الماضى، هو الحادث الجوى الثالث الذى يتعرض له الأسطول التجارى المصرى فى أقل من عام، فى إشارة إلى سقوط الطائرة الروسية فى سيناء قبل عدة أشهر، ومحاولة أحد المصريين اختطاف طائرة مصر للطيران قبل شهرين.
يتحدثون عن معاناة الاقتصاد المصرى وهم يتبنون فرضية وحيدة فى سقوط الطائرة، هى فرضية الإرهاب، وأن مصر هى المقصرة فى هذا الحادث الذى راح ضحيته 66 شخصًا من جنسيات مختلفة.
بداية علينا أن نعترف بأن مصر تعاملت مع الحادث باحترافية شديدة، سواء بإتاحة جميع المعلومات المتوفرة فى لحظتها، من خلال بيانات متتابعة كانت تصدر من وزارة الطيران المدنى، وبقية الجهات المعنية، مما قطع الطريق أمام أى محاولة للاصطياد، ونشر شائعات تضر بمصر، وكذلك من خلال السرعة فى نفى أى شائعة قد تؤثر على وضعية القضية، فضلاً على أن مصر لم تتسرع فى الحكم، بل إنها فتحت الباب أمام كل الفرضيات التى قد تقف خلف سقوط الطائرة، فالعطل الفنى جائز، والعمل الإرهابى غير مستبعد، وأى فرضية أخرى هى محل بحث ودراسة، أو كما قال وزير الطيران المهندس شريف فتحى «إن حدوث هجوم إرهابى هو احتمال أكبر من الخطأ الفنى، لكنها مجرد تكهنات حتى الآن».
التعامل الذكى من جانب مصر مع الحادث يبدو أنه أصاب «الشامتين» بخيبة أمل، فهم كانوا يريدون تحميل مصر المسؤولية، وإظهارها أمام العالم على أنها دولة فاشلة أمنيًا واقتصاديًا، والنتيجة وقتها ستكون معروفة للجميع، وهى زيادة الحصار الاقتصادى، وضرب مصر فى أهم مصادر دخلها القومى، الممثل فى السياحة، لذلك داروا حول أنفسهم وحاولوا البحث عن مدخل آخر لتحميل مصر مسؤولية سقوط الطائرة، وساعدهم فى ذلك أيضًا تلميحات بعض الصحف الغربية، وتحديدًا البريطانية، التى سعت سريعًا لتبرئة فرنسا من الحادث، والبحث عن شماعة أخرى، ولا مانع أن تكون هذه الشماعة مصر، فهى محملة برصيد قد يسهل إخراج العملية بالشكل الذى يريدونه.
لست خبيرًا فى شؤون الطيران ولا مثل هذه الحوادث، لكننى أحاول البحث عن إجابة لما يحدث حاليًا من محاولات لتحميل مصر المسؤولية، رغم أن الحقيقة ظاهرة وواضحة لكل بصير، وهى أن الطائرة خرجت من مطار شارل ديجول الفرنسى، ولو ثبت فعلاً أنها سقطت نتيجة عمل إرهابى، فالمؤكد أن هناك خطأ حدث فى مطار شارل ديجول يجب على الفرنسيين أن يبحثوا عنه، حتى لا يتحول هذا الخطأ إلى ثغرة يستغلها الإرهابيون مرات أخرى لضرب طائرات جديدة، لكن محاولة الهروب من المسؤولية هو العبث بحد ذاته الذى سيصيب فرنسا وأوربا كلها مستقبلاً، فالأمانة تقتضى أن يعترف الجميع بالحقيقة التى تقول إن الإرهاب يضرب الجميع.
الغريب أن دولاً من المفترض أنها فى مصاف الدول الصديقة سارت مع التوجه الذى يريد تحميل مصر المسؤولية، وأقصد هنا تحديدًا روسيا التى خرج عدد من مسؤوليها ليؤكدوا أن كارثة الطائرة المصرية تجعل وجود خبراء روس فى المطارات المصرية شرطًا ضروريًا لاستئناف الرحلات بين البلدين، إضافة إلى ضرورة تخصيص مواقف خاصة للطائرات الروسية فى المطارات المصرية، وتزويدها بالوقود الروسى.
كل ذلك يؤكد أن هناك أمرًا ما يحاك فى الخفاء ضد مصر، يتطلب اليقظة التامة منا جميعًا، حكومة وشعبًا، وألا ننساق وراء أى شائعات أو محاولات لتوريطنا فى أمور نحن فى الأساس مجنىّ علينا فيها، ونحتاج لمن يقف معنا لا من يحاول ضربنا.
ما يجب أن يدركه الجميع أن فرنسا ومصر تحاربان الإرهاب، وتستهدفان الجماعات الإرهابية ليس فى البلدين فقط، وإنما فى الدول التى تعتبر حاضنة للإرهاب، مثل ليبيا وسوريا والعراق، وبالتالى فإن المطلوب الآن هو أن يكون هناك تعاون بين البلدان لإيجاد أرضية مشتركة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف بدلاً من القول بأن مصر هى المسؤولة وأنها بلد بلا أمن ولا أمان.
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf
ماذا تريد روسيا؟
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
لمــــــــاذا مصــــــــــر المقصـــــــــرة دائمـــــــــــــاً؟