زمان ومع صعود الاهتمام بلعبة كرة القدم فى مصر، وتحولها إلى الشغل الشاغل لغالبية المصريين فى وجود نجوم كبار أمثال، الخطيب، وحسن شحاتة، وفاروق جعفر، وعلى أبوجريشة، وفى وجود فرق عريقة كانت تنافس الأهلى والزمالك على بطولة الدورى والكأس، مثل الإسماعيلى، والمحلة، والمنصورة، والاتحاد، والمصرى، وحتى اسكو والبلاستيك، أصبح عدد كبير من الشعب المصرى وبقدرة قادر خبراء استراتيجيين فى فنون وشؤون وفنيات وتكتيكات لعبة كرة القدم، ومن باب السخرية أطلق بعض النقاد الكبار وقتها دعابة بأن لدينا أكثر من «40 مليون خبير كروى و40 مليون مدير فنى».
القضية الآن زادت أضعافا مع الابتكارات الأخيرة وثورة التكنولوجيا، وظهور الفيس بوك والتويتر والفضائيات وزيادة الاهتمام بكل شىء وأى شىء «على الفاضى والمليان»، وأصبح فى مصر أكثر من 90 مليون خبير استراتيجى وفنى وتكتيكى واكتوارى فى شؤون رسم الحدود والبيئة البحرية والجزر وفى شؤون الطائرات والمطارات والصناديق السوداء. وبلغت درجة الافتاء لدى الكثير من هؤلاء درجة لا يصدقها عقل، وممارسة الجهل العلنى على صفحات التواصل الاجتماعى دون.
وربما نتابع ذلك من باب التسلية وإضاعة بعض الوقت والفرجة على خبراء الغبرة، وإن كان البعض منهم يمارس ذلك بنوايا شريرة وأهداف محددة، لأنهم عبارة عن أدوات مستخدمة لنشر الإحباط واليأس فى نفوس باقى المصريين.
للأسف الكثيرون من هؤلاء «الخبراء الاستراتيجيين» أصبح يمارس نوعا جديدا من المعارضة، وهو «المعارضة بالتربص»، فهو منذ البداية اتخذ موقف المعارض لكل شىء للرئيس ونظام الحكم الجديد- وهنا لا أتحدث عن جماعة الإخوان الإرهابية- إنما عن هؤلاء الأصدقاء الذين يستمدون مشروعية وجودهم فى الصورة والمشهد السياسى من اتخاذ موقف المعارضة حتى ولو بالباطل أو بالتربص لكل شىء، وإظهار النواقص والعيوب فيه على طريقة المصل الشهير بتاع الورد.
خبراء الفيس بوك متواصلون فى الأيام القليلة الماضية فى تقيؤ معارضتهم وممارسة جهلهم، دون علم وإبداء الفتاوى فى القرض الروسى لإنشاء محطات الطاقة النووية فى الضبعة، وفرضوا الاحتمالات وطرحوا الأسئلة من منطلق الخبرة والمعرفة العظيمة بشؤون القروض وأسرارها، وجأر البعض بأعلى صوته «هو احنا لاقيين ناكل لما هندفع الفلوس دى كلها»، «هانجيب الفلوس دى منين»، وبعدين الخبراء تجاوزوا مسألة القرض إلى مسألة «الأمان النووى»، وكيف نبنى محطات نووية ونحن فشلنا فى إطفاء حرائق الرويعى والغورية، وباقى الدول تتخلص من مفاعلاتها.
أمام هؤلاء الخبراء لا بد أن تكتم غيظك، وتستغفر ربك مئات المرات بدلا من ارتكاب ذنب السباب أو تحفظ أعصابك حتى لا تصاب بالضغط أو السكر،ولو كان من بينهم من يستمع للموعظة والكلمة والاقتناع بعد مناقشة، فهذا نوع نادر من الخبراء، لكن لا يستمر كثيرا على اقتناعه ويعود من جديد للمعارضة بالتربص.
حاولت مؤخرا أن اقتحم النقاش حول القرض، وتوضيح الحقائق بأن القرض الروسى لن تتحمله مصر، ويستهدف تمويل مشروع قومى، وسيتم توجيه دفعاته لتمويل شراء ومعدات وشحنات لوحدات المفاعل النووى. وأن نسبة الفائدة 3% فقط وعلى 13 عاما، على أن يتم السداد على مدار 22 عاما بواقع 43 قسطا نصف سنوى، وأن مصر سوف تسدد الدفعة الأولى من القرض بعد 13 عاما أى عام 2029.
كل ذلك غير مقنع «لخبراء الغبرة على الفيس سبوك»، فمهما قيل فالتربص واضح والخوف من تأييدهم لموقف معين أو الإشادة بإنجاز ما يجعلهم مصابين بجهل عن كل علم، ليست هذه هى المعارضة التى نريدها، فهذه معارضة صبيانية عبثية، إنما نتمنى معارضة حقيقية تعارض عن علم وتطرح رؤى سياسية حقيقية، وليس «لعب العيال والنشطاء» الذى نشاهده الآن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور عادل عبد القادر
و اوضح مثال على هؤلاء هم نشطاء الفوضى الذين يفتون بجهل فى كل شيىء من 2011 و الى الان
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
المنطق يقول لا يصح الا الصحيح