الأزمات لن تتوقف، المهم طريقة المواجهة والتعامل بسرعة ومسؤولية وشفافية، فهى أقصر الطرق لإدارة الأزمات. نقول هذا بمناسبة الطائرة، وكل أزمة، ونعرف أن كل دولة لها خصومها، وحلفاؤها، ومصالحها، والاتصال الخارجى والإعلام الداخلى جزء من هذا، ألا يترك الأمر للمصادفات، وتتحول الدروس إلى تراكم خبرات وطريقة، وليس اجتهادات. ثم إن دور خلايا الأزمة فى التعامل مع الخارج لا يقل عن الداخل.
رأينا فى إدارة أزمة الطائرة خلايا أزمة تتحرك بسرعة، وتتيح المعلومات الممكنة، هى المرة الثانية الأولى كان حادث اختطاف الطائرة لقبرص. إتاحة معلومات رسمية والحرص على تدفقها، يغلق مجال التكهنات، والسرعة تغلق أبواب الشائعات. وفى حالة الطائرة، رأينا تقارير ملفقة من مؤسسات إعلامية وفضائيات، مثل «بى بى سى»، ونيويورك تايمز، و«سى إن إن» ومحطات فرنسية، نشرت معلومات وتقارير ملفقة، مجهولة المصادر، بقصد أو بدون.
المسؤولون عن إدارة أزمة الطائرة تعاملوا بشفافية ومسؤولية، ومع مواقع التواصل، وإتاحة البيانات عليها، مثلما يفعل المتحدث العسكرى، ووفر على صفحته بيانات وصورا من موقع الطائرة. وهو ما يمثل درسا للتعامل مع كل أزمة. والإعلام والاتصال جزء من الإدارة.
وطبيعى أن تظهر أدوات إعلام تتعامل بتربص وتنقل أخبارا مزيفة، أو مجهلة المصادر، ومنها ما نقلته «نيويورك تايمز» عن مسؤول أمنى أن الطائرة تلقت تهديدات، هم يستندون إلى حماية المصادر، وهى حق يراد به باطل، خاصة مع تضاعف عمليات الاختلاق المنسوبة لمصادر أمنية لم يظهر منها أحد.
ليس علينا بالطبع أن نضايق المراسلين أو نضيق عليهم، بل أن نتيح لهم المعلومات، مع أهمية وجود استراتيجية للاتصال، والتعامل مع العالم، وألا نظل نخاطب أنفسنا. مع التعامل مع افتراض أن هناك تربصا، وطالما نعرف أننا مستهدفون، علينا أن نمتلك الأدوات للتعامل. والحروب الإعلامية فى كل دول العالم وبعضها، ونرى أمريكا وروسيا، ووصل الأمر إلى أن أمريكا تتجسس على حلفائها الأوربيين.
لهذا لدى كل دولة استراتيجية للاتصال الخارجى تتيح معلومات، وتتعامل مع ما ينشر بالتصويب والتصحيح. وهى مهمة تقوم بها مؤسسات أو شركات كبرى، وهو دور هيئة الاستعلامات والخارجية، لصنع آلية توفير معلومات، والتواصل بسرعة للتعامل بالحقائق، واستخدام حق الرد. ومتابعة ما تبثه وتنشره الفضائيات والجهات المختلفة، وإمكانية التصحيح، والرد والتفاعل، لأن العالم أصبح مفتوحا، ومن المهم لأى دولة خاصة إن كانت تتعرض لكم كبير من التشويش أن تمتلك استراتيجية اتصال وتواصل قوية. وهى طريقة للتعامل معروفة فى الدول الحديثة. وجزء من إدارة الأزمات الرد على الخصوم، وعدم الاكتفاء بأن نتحدث مع بعضنا. وهذه الجهات تدافع عن وجهات نظر بلادها، أو لصالح شركات وجهات لها مصالحها، ونحن أيضا لنا مصالحنا وليس عيبا أن ندافع عن مصالحنا بشكل علمى.
أكرم القصاص
دروس "الطائرة" وكل أزمة..استراتيجية الاتصال مع الخارج قبل الداخل
الثلاثاء، 24 مايو 2016 07:00 ص