بكل تأكيد هى حرب شرسة تستهدف مصر، فالقضية لم تتعلق بنظرية المؤامرة، لأنها لم تعد نظرية، بل حقيقة وأمرا واقعا علينا أن نتعامل معه بكل جدية.
حرب شرسة بدأت بعد الثالث من يوليو 2013، حينما قرر المصريون خلع نظام الإخوان الفاشى، الذى أراد فرض سيطرته بالقوة، ومن وقتها ونحن نواجه ضربات متتالية من الجميع، الأعداء والأصدقاء معاً، الكل غير راضٍ عن مصر وانفرادها بقرارها وعدم خضوعها لإملاءات خارجية، ولم يشذ عن هذه القاعدة سوى الأشقاء العرب، ممن وقفوا مع مصر فى وجه الهجمات والضربات الغربية، وقفت معنا ولا تزال السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب ودول عربية أخرى، ولم يخالف الإجماع العربى سوى قطر التى سارت فى ركب نظام تركيا الإخوانى.
من وقتها والضربات تتوالى، والهدف هو استمرار الحصار إلى حين القبول بما يفرض علينا، وأول شىء هو إعادة الإخوان مرة أخرى للحياة السياسية من جديد، علهم يعودون للحكم مرة أخرى، حاصروا مصر اقتصادياً بفرض قيود تكبل الاقتصاد المصرى، وضرب أحد عناصر قوة اقتصادنا وهى السياحة، فتم استغلال حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء ديسمبر الماضى، لتخويف السياح من قضاء عطلاتهم فى مصر، ونجحت خطة التخويف وتلقت السياحة ضربة قاضية تحتاج لسنوات لكى يستعيد هذا القطاع التوازن مرة أخرى.
يتم ضرب مصر بالإرهاب الذى يتلقى دعماً وتمويلاً من دول معروفة لنا جميعاً، وتغطية إعلامية من قنوات وصحف تبرر للإرهابيين أفعالهم الدنيئة، وتظهرهم وكأنهم أبطال.
يتم ضرب مصر داخلياً بشائعات يتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وهدفها إثارة المصريين على الحكومة والنظام كله، على أمل أن يثور المصريين من جديد، شائعات تقلل من حجم الإيجابيات التى تحققت بل والطعن فيها، حتى يزداد سخط المصريين.
يتم ضرب مصر كل يوم، وسيستمر الضرب طالما نرفض الخضوع، ونبحث عن الاستقلالية والقرار المصرى الوطنى، وكلما تجاهلنا ما يحدث لنا ونسير للإمام يزداد الحصار، فمع كل مشروع أو أمل جديد تشتعل الحرب علينا، فهم لا يريدون لنا النجاح، وهم هنا تعود على من قرر فرض الحصار الاقتصادى على مصر، واستغل واقعة الطائرة الروسية، وسارع لتخويف العالم من مصر، وعلقوا رحلاتهم وطلبوا من رعاياهم مغادرة مصر فوراً، وكأنها تحولت إلى ميدان حرب، أقصد بـ”هم” كل من يدفعون للإرهابيين ويمولونهم ويدعمونهم سياسياً وإعلامياً، أقصد بـ”هم” الشامتين فى مصر حتى من يحملون الجنسية المصرية، فهم أشد خطراً علينا من أعداء الخارج، أقصد بـ”هم” الإخوان الإرهابيين الذين يكذبون ليل نهار، أقصد بـ”هم” الأصدقاء الذين تخلوا عنا فى ظروفنا الصعبة، واختاروا طريقاً يفى بمصالحهم الخاصة، أقصد بـ”هم” قطر وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وإيطاليا وغيرها من الدول التى تريد تركيع مصر.
نعم تركيع مصر، ومن لا يصدق ذلك عليه أن يعيد قراءة الحقائق والواقع من جديد، وأن يتخلى عن أيديولوجيته القاتلة، فالقضية لا تتعلق بموقفك من الرئيس عبدالفتاح السيسى ولا الحكومة، وإنما مرتبطة بوجود دولة كبيرة أسمها مصر، السيسى والحكومة يعملان ومستمران فى عملهم، فهم أمامهم خطة وقائمة طويلة من المشروعات المستهدفة، تم الانتهاء من بعضها، ويركزون الأن على الباقى، المهم فينا نحن، أين نقف، وما هو هدفنا، وكيف سنساند بلدنا فى هذه الحرب؟
من السهل أن تواجه مصر الحرب الشرسة ضدها، لكن كل ذلك شريطة أن يؤمن المصريون بأن هناك حرباً، وأن يقفوا مع بلدهم، لا يزيدوا جراحها، أن تنظر النخبة لمصلحة البلد لا مصلحتها هى فقط، من حقك أن تعارض وترفض، لكن أن تشارك بنية أو بسوء نية فى الحملة التى تستهدف مصر، فهنا عليك أن تعيد حساباتك.
المعارضة فى مصر عليها أن تعيد حساباتها، وأن تقرأ الواقع كما هو لا كما تراه هى، وأن تحدد وجهتها وهدفها الحقيقى.