الخلاف من طبائع الأمور والمعارضة حق دستورى والاعتراض الموضوعى لصالح الجميع، فلا يوجد نظام سياسى، سواء كان ديمقراطيًا أو غير ذلك لا يرى معارضة أو يحظى بمطلق التأييد، بالمعارضة الصحيحة الهادفة للوصول إلى القرار السياسى الأمثل لا أحد يستغنى عنها، والمعارضة وطرق عملها والآليات والوسائل التى تمارس من خلالها دورها المعارض يعتمد أساسا على إيمان الجميع بشراكة الوطن والتزام الكل بالدستور والقانون.
مع الخبرة والممارسة السياسية والحزبية التى تعتمد على الجماهير وحسن قيادتها فهل نجد هذا بالفعل على أرض الواقع؟ بالرغم من هبتى 25 / 30 اللتين قد كسرتا الكثير من حواجز الخوف وأسهمتا فى نشر وانتشار حالة من حالات الثقافة السياسية التى تسهم فى تكوين رأى عام مستنير، نجد أن تلك الثقافة السياسية قد توقفت عند حصد المعلومة وجنى المعرفة دون تفعيلها حتى تسهم فى تكوين درجة من درجات الوعى السياسى الحقيقى التى تعتمد على امتلاك رؤية سياسية صحيحة تؤهل المواطن على الاختيار السليم بعيدًا عن العواطف.
ولذا وجدنا الجميع يتقاتل والجميع يخون الجميع والكل يدعى الوطنية وغيره غير ذلك، مع العلم أن حب الوطن غريزة التصقت بالجينات الجماعية المصرية على مدار التاريخ وإلا ما كانت مصر باقية حتى الآن بالرغم، مما عانت من هجرات جماعية وغزوات حربية تخطت المعقول وتجاوزت المقبول، وظلت خريطة الوطن كما هى، فمعارضة النظام حق طبيعى لا غنى عنه ولا استغناء، ولكن هدم الوطن وإجهاض الدولة فهذا لا علاقة له بمعارضة ولا بسياسة، نعم من حق أى مواطن أن يعترض على اتفاقية رسم الحدود مع السعودية، نعم هناك حب غريزى لدى المصرى تجاه الأرض، نعم كانت هناك مفاجأة وإخراج فاشل فى عرض الاتفاقية، ومع ذلك فهناك أساليب للمعارضة تتسق وتتوافق مع الظرف السياسى، ومع التحديات الحقيقية التى تواجه الوطن، ولكن أن يستغل الموقف لكى نصفى حسابات شخصية ونقيم معارك ذاتية ونثبت بطولات وهمية على حساب الوطن، فهذه ليست هى المعارضة، فالمعارضة هى جزء من النظام الديمقراطى الذى يدعو إلى احترام القانون.
نعم هناك اعتراض على قانون التظاهر، فهل الطريق إلى تعديله هو إسقاط القانون عنوة وبالقوة أم الطريق الدستورى وهو البرلمان؟ لذا فما حدث فى 25 إبريل الماضى لا ولن يكون لصالح الوطن، فهل نعى الرسائل التى أرسلت فى هذا اليوم؟ كانت هناك رسالة قوية للمعارضة الواهمة التى لا علاقة حقيقية لها بالشارع، فهم يتحدثون إلى أنفسهم وإلى نخبتهم المحصورة التى لا تعى ولا تريد غير الظهور الإعلامى، وكفى المؤمنين شر القتال.
هناك رسالة للأمن تقول إن الأساليب القديمة والعتيقة لا تناسب العصر، ولا تتسق مع المتغيرات السياسية التى حدثت التى ما زال الأمن لا يعيها، فلا القبض الاستباقى والعشوائى يحل المشكلة، ولا المواجهة مع الصحفيين والمحامين من أبناء الوطن يوجد علاقة طبيعية بين المواطن والأمن، وهناك رسالة للنظام، الاعتماد على المواجهة الأمنية والحل الأمنى ليس فى صالح أحد، الخلاف السياسى طريقه الرأى والرأى الآخر، الحجة مقابل الحجة، الحوار الهادئ مع الجميع دون أقصاء أو تعالى، فمصر وطن كل المصريين، الجميع يحبون مصر حتى يثبت العكس، فلا تخلطوا الأوراق ولا تستهينوا بالأحداث، فالتراكم يحدث تغييرات لا يعلمها غير الله، حمى الله مصر وشعبها العظيم.