لن تسمح الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وذيولها العرب والأتراك بالإبقاء على سوريا موحدة، تحت أى ظرف، بالحرب الأهلية القذرة أو بتوريد فرق الموت من المرتزقة الأجانب عبر أراضى السمسار التركى لإشعال القتال، وعدم السماح بحسم المعركة، أو حتى بالمفاوضات الصورية المرسومة سلفا فى جينيف، لابد أن نفهم ذلك جيدا لنفهم بالتالى ماذا يحدث فى الأراضى السورية، وتحديدا فى محافظة حلب وتخومها التى تشهد تقدما لقوات الجيش السورى من المناطق التى يسيطر عليها فى الغرب، باتجاه القرى التى يسيطر عليها جيش الإسلام وجبهة النصرة فى الشرق، والمناطق التى تسيطر عليها المعارضة التابعة لواشنطن حتى إدلب.
تقدم قوات الجيش السورى باتجاه قرى حلب وريفها الشرقى معناه الإخلال بالخرائط التى اعتمدها الأمريكان لتقسيم سوريا، فسيطرة الجيش السورى على حلب بالكامل ستفتح أمامه الطريق إلى «الرقة» عاصمة التطرف الداعشى والأراضى المحيطة بها، وفى حال سقوطها هى أيضا فلن يكون أمام الجيش إلا تصفية الجيوب التى يحتمى فيها الغلاة والمتطرفين، واستيعاب أحلام الأكراد فى حكم ذاتى، من عفرين إلى الحسكة والقامشلى، وتصفية مناطق ما يسمى بـ«المعارضة المعتدلة» فى درعا وريف دمشق والبوكمال، لتعود السيطرة المركزية للدولة السورية على أطرافها، وتصبح مفاوضات جنيف بلا معنى، كما يتحول ممثلو المعارضة السورية إلى لاجئين، تبعا للدول التى تؤيهم أو يتكلمون وفق مصالحها وخططها المرسومة للأراضى السورية.
من هنا شهدنا هياجا وعويلا وولولة على مواقع التواصل الاجتماعى وانتشرت هاشتاجات حلب تحترق والدماء تغرق حلب، كما بثت القنوات والمواقع التابعة للتحالف الغربى والذيول العربية صورا قديمة ولقطات دموية واتهامات جزافية بارتكاب جرائم حرب فى حلب، بينما تناسى هؤلاء المولولون نحو مليون مواطن يسكنون أحياء حلب الغربية وأصواتهم الواهنة التى تشكو من صواريخ الإرهابيين وجارورات الغاز المتفجرة، وكأنهم لا وجود لهم أصلا، فى ظل حرب قذرة تفرضها وتحدد سيناريوهاتها ونتائجها واشنطن.
وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية الموجهة فى حرب إعلامية سافرة، نجحت فى غسل الأدمغة، وتصوير ما يحدث فى حلب عكس ما يحدث على الأرض، نعم هناك قصف جوى طال مواقع للمتطرفين المدعومين أمريكيا وتركيا وقطريا وسعوديا، لكن هناك قصفا مضادا بالصواريخ وجارورات الغاز من المتطرفين على المدنيين غربى حلب، وبينما علم العالم كله بعدد ضحايا قصف الجيش السورى لمناطق المتطرفين، بافتراض صحة المعلومات الواردة عنهم، لم يعلم أحد شيئا عن الضحايا المدنيين فى حلب أيضا نتيجة القصف الصاروخى وقنابل الغاز البدائية للفصائل المتطرفة والمرتزقة!
إذن، الهدف من الدعاية الهتلرية الكاذبة لما يحدث فى حلب هو منع أى تغيير فى أوضاع القوى على الأرض، وعدم السماح للدولة السورية باستعادة سيطرتها على أراضيها وتكريس وجود 4 دويلات متناحرة هناك، دولة علوية فى دمشق واللاذقية وحمص وطرطوس وصولا إلى السويداء، ودولة تابعة لواشنطن فى البوكمال فى الشرق وبطول الحدود مع العراق مع امتدادها حتى إدلب فى الغرب، ودولة سنية تتبع داعش فى الشمال الشرقى من تل خميس إلى الرقة وتل أبيض وحتى منطقة الباب، ودولة كردية رابعة فى أقصى الشمال الشرقى بالقامشلى والحسكة وصولا إلى جرابلس وعفرين، والحاكم بأمره فى واشنطن لا يقبل أى تغيير فى خطته حتى لو استمرت الحرب على الأراضى السورية 100 عام وتشرد الشعب السورى كله، وأى محاولة من النظام السورى لبسط سيطرته على أراضيه غير مسموح بها ولا عزاء للسيادة الوطنية!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد
تحليل دقيق للوضع