المقارنة تفرض نفسها سواء أردنا ذلك أو لم نرد، لأن العالم أصبح فعلا قرية صغيرة وأصبحت ثقافاتنا متشابكة ومرئية ومفضوحة بشكل كبير، ولم يعد فى استطاعتنا أن نتجنب الآخرين، أو نقول بأن عالمنا مغلق على ذاته وأن الدنيا لا تهتم بنا أو تشغلنا، بل كل أخطائنا يراها الجميع ويعرفها جيدا ويسخر منها أيضا، ومع أن الأيام جميعا هى أيام الله لكن الأفعال هى أفعال البشر فيحسنون ويسيئون وكل ذلك حسب ثقافتهم ورؤيتهم ومستقبلهم، أقول ذلك بمناسبة حدثين مهمين لكنهما مختلفان بعد السماء والأرض، الحدث الأول مباراة كرة القدم فى نهائى أبطال أوروبا، والحدث الثانى هو «الخناقة» بين أحمد شوبير وأحمد الطيب.
فما حدث فى هذه المشاجرة الفضيحة يجبرك على تأمل الوضع الكروى فى مصر ووضع الإعلاميين ورجال الرياضة ويمكن لك أن تنتقل منه إلى حالنا الاجتماعى، وتعرف أنه طالما هؤلاء موجودون فلا سبيل إلى إصلاح أو تغيير، وعلى الدولة ومؤسساتها ومن قبل ذلك الأفراد التنبه إلى هذا الخطر ووضع هؤلاء الناس فى مكانهم الطبيعى.
بالطبع كان الناس مشغولون بالسحر الحلال الذى عاشوه فى مباراة ريال مدريد وأتليتكو مدريد الذى يشمل ما يفعله اللاعبون فى أرض الملعب الخضراء، وهو لو تدركون عظيم، حيث رونالدو ورفاقه يروحون ويجيئون يخرجون الآهات من قلوبنا بينما توريس ورفاقه يقاتلون من أجل صناعة الأجمل، ويشمل الجمهور المتناغم مثل لحن عظيم، ويشمل الألوان والأزياء التى تثير الفرحة فى نفوس الجميع، ويشمل طرق التعبير عن بهجة الفوز وطرق التعبير عن الاعتراض والرضا، هل سألتم أنفسكم لماذا كان المصريون يملأون المقاهى والأكثرية تابعت المباراة المهمة واقفين على أقدامهم بسبب عدم وجود أماكن شاغرة لمتابعة النهائى؟ تكمن الإجابة فى كل ما قلناه وفى شىء مهم آخر هو أن نفوسنا سوية تحب الجمال وتحب الرقى وتحب الفن فى كل شىء، لكن تم تشويهها.
نعم كثير من الإعلاميين لا يدركون خطورة الوضع الذى نعيش فيه ولا يعرفون دورهم ولا الواجب عليهم فى بناء الإنسان المصرى، فشوبير والطيب كان بإمكانهما أن ينهيا مشاجرتهما اللعينة فى أى مقهى ردىء لا أن يقدما نموذجهما السلبى فى المجتمع على القنوات الفضائية، فهما وأمثالهما لا يصنعون تقدما ولا يفكرون فى دولة ولا مجتمع وسيظلون يبحثون عن إثارة المشكلات لأنها بالنسبة لهم أكل عيش، وعلينا أن نمر ولا نلتفت إليهم فنحن نستحق أفضل من ذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة