ربما لأول مرة منذ انتخاب الصديق يحيى قلاش نقيبا للصحفيين فى مارس 2014 ، سوف تكتمل الجمعية العمومية غير العادية للنقابة على خلفية اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة، لتنفيذ أمر ضبط وإحضار لاثنين من الصحفيين.
عدد كبير من الصحفيين فى حالة غضب واستفزاز من تصرف وزارة الداخلية الذى يحدث لأول مرة فى تاريخ النقابة. والكل مدعو للحضور للدفاع عن نقابته. ورُبّ ضارة نافعة أو سلوك أحمق يدفع إلى إعادة احتشاد الجماعة الصحفية لأول مرة منذ الانتخابات الأخيرة، والشكر لوزارة الداخلية التى تسببت فى أزمة بدون لازمة، ومشكلة حقيقية كنا فى غنى عنها، وكان نظام الحكم الجديد لا ينتظرها، أو يسعى إليها، فى ظل المصاعب الداخلية والتحديات الخارجية التى تواجهها البلاد.
الأزمة الحالية تنتظرها أطراف أخرى للتصعيد والتوظيف السياسى والانتقام من نظام 30 يونيو. الإخوان ليسوا فقط المستفيدين من حدوث تلك الأزمة لإشعال الوضع الداخلى، وتأزيم العلاقة بين مؤسسات الدولة والصحفيين، والعودة للمشهد السياسى مرة أخرى، وإنما أطراف أخرى تسعى للصدام والفوضى وتحقيق مشروعية وجودها، بعد انحسار الأضواء عنها وغضب الناس عليها.
نحتاج إلى تفويت الفرصة على كل هؤلاء وإخراج البلاد من أزمة جديدة، لا داعى لها بسبب «غباء سياسى»، وبسبب غياب العقل الرشيد فى إدارة الأزمات. فأصل الأزمة هو التخبط والارتباك والتحرك بلا رؤية وهدف من جهاز الأمن الداخلى، وافتقاد العقل السياسى والإعلامى داخل الوزارة، والتى تجلت مظاهرها فى تضارب وتناقض التصريحات بين المسؤول عن إدارة الإعلام الأمنى بالوزارة والوزير نفسه. واتضح أن الوزارة ليس بها رأس أو عقل واحد، يخطط لها ويديرها، بل عدة رؤوس تغيب عنها فن إدارة الأزمات والرؤية السياسية قبل الأمنية. رغم الحملة الإعلامية التى سبقت تعيين الوزير الحالى، وتقديمه على أنه رجل أمن سياسى، تتطلبه المرحلة الحالية. نتمنى أن نستفيد من الأزمة ونرجو تكون نتائجها إيجابية، ولا يؤجج نارها المتربصون لإغراق البلاد فى مستنقع جديد، وهى لديها ما يزيد على حاجتها من الأزمات. وهنا أدعو وقبل انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين لأن يتدخل الرئيس السيسى بنفسه مثلما فعل مع أزمة الداخلية والمحامين من قبل، لإنهاء الأزمة والاعتذار للصحفيين وتقديم المسؤولين عن قرار اقتحام النقابة للمحاسبة، وفى المقدمة منهم وزير الداخلية نفسه، الذى يبدو أنه كان آخر من يعلم بقرار الاقتحام.
أتمنى أن نخرج من الأزمة الحالية، وقد تعلّم الجميع الدرس، سواء الجهاز الأمنى أو الجماعة الصحفية، وممثلها الشرعى والوحيد، نقابة الصحفيين، فإذا كان هناك خطأ، بل خطيئة وجريمة قانونية ارتكبتها وزارة الداخلية. فهناك أخطاء أيضا يجب معالجتها على الجانب الآخر، فهناك أيضا، وبكل صراحة غياب للحس السياسى وخطوط العلاقة غير الممدودة مع الدولة، وهذه مسؤولية النقيب، فالنقابة ليست كيانا معاديا للدولة، ولابد من وجود خيوط اتصال وتواصل لتحقيق الخدمات المطلوبة للصحفيين، ومناقشة قضاياهم وهمومهم مع الجانب الحكومى، وهناك مراهقة سياسية لدى بعض أعضاء مجلس النقابة، والخلط بين مسؤولية هؤلاء النقابية والمهنية وبين معتقداتهم وأفكارهم والسياسية، فحولوا النقابة بجنوحهم إلى منابر سياسية.
الأزمة الحالية لا بد من الاستفادة منها لتصحيح أوضاع الجماعة الصحفية داخليا وإعادة تصحيح علاقتها بمؤسسات الدولة، بعيدا عن الحسابات الانتخابية والسياسية، وتنقية مناخ العمل الصحفى والنقابى من الجنوح والميل والهوى السياسى وعدم الثقة.
المهم الآن فى هذه اللحظة أن يسعى الجميع لحل الأزمة قبل استغلالها من المتربصين بالوطن ومن وهواة الفوضى والخراب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى
اسالوا النيابة وليس الداخلية
ياسنهورى القرن اسال النيابة ولا تتمحك بالداخلية