ويتساءل "كونيسا" فى كتابه عن الدور الاجتماعى والسياسى الذى يؤديه "العدو" فى المجتمعات المعاصرة؟ وهل يجب على الهوية أن تبنى بالضرورة ضد "الآخر"؟ ويعتمد الكتاب على رأى لـ"كارل شميث" يقوم على أساس أن العدو هو الآخر، الشر، التهديد، ولا يمكن فصله عن الحياة كما المرض... وهو يقدم خدمات كثيرة، ويعمل مهدئا، خصوصا عبر المسئولية التى يمثلها (الحقيقية أو المتخيلة) فى قلقنا الجماعى.
ويتذكر المؤلف أنه فى عام 1989 قال أرباتوف المستشار الدبلوماسى للرئيس السوفياتى جورباتشوف، مخاطبا الغرب: "سنسدى إليكم أسوأ أنواع الخدمات، سنحرمكم من وجود عدو"، ويرى أنه عبر هذه الجملة أثبت نظرية الإبطال التقنى للقطاع الاستراتيجى الغربى، إذ لم يعد هناك وجود بعد الآن لتهديد قاتل! بل سلام حقيقى فحسب، بيد أن النزاعات والتلويحات بالحرب لم تنخفض عدديا.
ويذكر الكتاب رأى "هنرى ميشو" الذى يرى أن تحديد الأعداء والأصدقاء والتحقق منهم يشكل آلية ضرورية قبل شن الحرب، وعند انتهاء النزاع يحتسب المتنازعون الحصيلة السلبية ذاتها: لقد كانت الحرب أسوأ الحلول لكن الناس خضعوا لها، مرة أخرى، ومن المنطقى أن نحاول فهم كيفية إنتاج العجرفة الحربية التى تدفع الناس إلى أن يقتل بعضهم بعضا بطريقة شرعية.
ولا يهدف هذا الكتاب إلى تحديد طريقة مقبولة أو غير مقبولة للقتل، لكنه يرنو إلى تحليل كيفية نشوء علاقة العداوة، زكيف يبنى المتخيل قبل الذهاب إلى الحرب، وقبل دراسة أشكال العنف، مهما كانت، فإن ما يهمنا هو الطريقة التى تجعل العنف شرعيا وقبولا، إذ فى الدول الديمقراطية يجب على الحرب أن تكون "ديمقراطية".
يجد الاحتراب جذوره فى حوادث الواقع، لكنه كثيرا ما يجدها كذلك فى بنى أيديولوجية، وفى تهيؤات أو فى أشياء مبهمة. وتضع هذه الدراسة فرضية أن العدو هو عبارة عن عملية بناء، فحين توصلنا العلاقة الاستراتيجية إلى الحرب، فإنها تؤلف مسارا جدليا يتضمن فعل الطرف الأول وصورته، وتؤثر فى فعل الطرف الثانى وصورته.
ويرى الكتاب أنه خلافا لما نستطيع قراءته فى كتب العلاقات الدولية، فإن الديمقراطية ليست حاملة للسلام بذاتها، وإلا لما قامت الاستعمارات الفرنسية والبريطانية قط، ولما وجد الأمريكيون فى العراق، ولما استعمر الإسرائيليون الأراضى المحتلة.
![صنع العدو صنع العدو](http://img.youm7.com/images/NewsPics/gallery/pics/5201647538306صنع-العدو.jpg)
موضوعات متعلقة..
- كتاب "بنك الفقراء" فى بنجلاديش: تجربة تتحدى الرأسمالية