توزيع السفراء على الدول المختلفة يتم بموجب طريقة داخلية بديوان وزارة الخارجية تسمى «توزيع حسب المناطق»، فهناك 5 أو 6 مناطق يتم تقسيم السفراء بينها، هناك مناطق تحتل المرتبة الأولى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، ومناطق تحتل مراتب أخرى مثل دول أمريكا الجنوبية ومناطق أزمات مثل سوريا واليمن وليبيا.. القارة السوداء تحتل المرتبة قبل الأخيرة فى عملية التوزيع، والشاهد أن أغلب سفراء أفريقيا يحسب مدة خدمته باليوم والليلة، لكى يرحل عن الأمراض والأوبئة والتطعيمات ونسبة الفقر، والأكيد أن هذه كانت قناعتى كصحفى متابع للشأن العام أن سفراء أفريقيا يختبئون نهارا فى منازلهم من شدة حرارة الشمس وليلا من انتشار الملاريا، حتى زرت دولة توجو بغرب أفريقيا، تغيرت قناعتى بمقابلة سفيرنا كريم شريف، وهناك كانت المشاهدات الآتية.
1. زرت رئيس وزراء توجو و3 وزراء آخرين من الحكومة فى مكاتبهم، ولم أخرج من أى مكتب إلا ووجدت هدية من سفيرنا كريم شريف فى مكتب الوزير وفى مكان متميز، بمكتب وزير الصحة وجدت «كاب» مرسوما عليه علم مصر، وبمكتب وزير الثقافة وجدت طبقا فرعونيا مرسوما عليه صورة نفرتيتى، وبمكتب رئيس الوزراء وجدت صورة لرئيس وزراء توجو مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومن أعدّ تلك الصورة وأهداها لرئيس الوزراء، كان سفيرنا كريم شريف.. وكل هذه المشاهدات فى مكاتب المسؤولين أعادت إلى ذهنى الحديث عن الدبلوماسية الناعمة وكيفية تطبيقها، بل والسعى نحو نقلة من حديث كلاسيكى إلى فعل على أرض الواقع.
2. خلال تواجدى بتوجو، حضرت 3 احتفالات مختلفة، أبرزها الاحتفال بافتتاح المطار الجديد لتوجو بالعاصمة لومى، وكذلك افتتاح مقر جديد للاستثمارات والبورصة، وكان على رأس الحضور فى الاحتفالين رئيس جمهورية توجو، والشاهد هنا أن سفيرنا كريم شريف، حريص كل الحرص على التواجد بكل المناسبات والاحتفالات الرسمية، لدرجة أنى لمست قربه من مسؤولى دولة توجو، وهنا أعنى الصف الأول والثانى والثالث فى الدولة، بداية من رئاسة الجمهورية، حتى الوزراء ومستشاريهم ومديرى مكاتبهم.
3. اللافت أيضا أن سفيرنا كريم شريف يعمل على نقل العلاقات الدبلوماسية مع دولة توجو إلى علاقات شخصية، وتجسد ذلك فى إقامة سفيرنا كريم شريف حفلات عشاء للشخصيات الحكومية بتوجو، وكنت شاهد عيان على حضور وزير الثقافة والإعلام، والحضور كان مميزا، يتعامل الوزير بكل أريحية، بعيدا عن الرسمية والبروتوكولية، بما يكسر معه مزيدا من الحواجز فى علاقاتنا الدبلوماسية مع دولة أفريقية شقيقة.
4. النتائج التى خلصت منها أن نموذج سفيرنا كريم شريف، سفير شاب، يعمل وسط القارة السمراء، وفى دولة فقيرة، ليست مثل رواندا أو نيجيريا أو جنوب أفريقيا، ولكنه يعمل على إنشاء علاقات دبلوماسية بعد 54 عاما من الانقطاع، ونجح فعلا، لدرجة أن رئيس جمهورية توجو زار مصر مرتين، وفى المقابل زار المهندس إبراهيم محلب دولة توجو زيارة رسمية بتكليف رئاسى، وجميعها زيارات تنعكس بالإيجاب على العلاقة بين الدولتين، وهنا لا ننكر أهمية صوت دولة توجو فى مجلس السلام والأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى.
5. الأكيد، أننى عاهدت نفسى بعد الزيارة بأن أنقل الخطوات الإيجابية التى أراها وأن أشيد بمن يستحق الإشادة أو أبدى ملاحظاتى على من يستحق النقد، وللأمانة لدينا سفير مصرى محترم فى توجو يستحق كل التقدير على ما يفعله، كريم شريف اسم جديد فى الدبلوماسية المصرية، فتوجو هى أول دولة يخدم فيها كسفير بعد أن كان سكرتير أول برئاسة الجمهورية، وأعتقد أنه ينتظر مستقبلا باهرا .. ادعوا له بالتوفيق.