الجريمة قد تفيد فى منع الجريمة
خلال أقل من أسبوع، تم القبض على عدد من المتهمين والمتهمات بتسريب الامتحانات، ممن يديرون صفحات «شاومينج».. أصبحنا بين الواقع والخيال.. هل «شاومينج» مجرد شاب محترف قرصنة ونشر، أم أنه جزء من تشكيل أو فريق؟، وهل هم عصابة تهدف للارتباك والتخريب أم أنهم مجرد أفراد، أم أن لديهم وجهات نظر تجاه التعليم يريدون توصيلها؟.. البعض يعتبره «روبن هود» التعليم الذى يضمن عدالة الأسئلة والإجابات للجميع.
أما من ذاكروا فيعتبرونه مخربًا.. بعض الصفحات تحاول تبرير العمل ببيانات ونظريات فارغة من فشل التعليم، وأهمية الإصلاح، لكن النتيجة أنه لا أحد يرى التسريب نوعًا من المقاومة أو إصلاح التعليم، مع الاعتراف بأنه يعانى من أمراض كثيرة، ولا يمكن اعتبار كل من يسرب أو يغشش ثوريًا أو متمردًا.
الملاحظ أن أغلب المتهمين والمشتبه بهم من الشباب، أعمارهم عشرون سنة وما حولها، والخطر أن يكونوا ضمن شبكة أكبر، سواء للغش أو التسريب، لأن هذا يعنى وجود أهداف وراء ما يجرى، وهى تفاصيل سوف يكشفها التحقيق مع بعض المقبوض عليهم وعليهن، والذين اعترفوا وبعضهم يقول إنه لاعلاقة له بذلك، ومرات كثيرة يتم الإعلان عن ضبط «شاومينج» ويستمر التسريب، أو تظهر أكثر من صفحة، هل الهدف الارتباك أم التخريب أم رغبة فى إصلاح حقيقى للتعليم؟!، مع الأخذ فى الاعتبار أن التسريب جزء من الجريمة، والجزء الأكبر هو من يخرج الأوراق والامتحانات، وهو الطرف الفاعل ضمن الدائرة الضيقة للامتحانات بالوزارة، والتكرار لأكثر من عام يعنى عدم التوصل إلى الفاعل.
هذا فيما يتعلق بالجريمة، وأهمية التوصل للفاعل الأصلى ومحاسبته، لكن الأهم هو معرفة الأهداف والأسباب التى تقف وراء التسريب، وهناك دور آخر يفترض أن تقوم به الدولة، وهو البحث عن هؤلاء الشباب، والاستفادة مما يملكونه من خبرة ومعرفة من جهة، وأيضًا ما إذا كانوا ليسوا منتمين لتنظيمات ولديهم انتقادات أو أقوال يمكن أن تفيد.
هذا الشباب لا يخلو من موهبة وقدرة يمكن أن تفيد، خاصة حال الاستماع إليهم والاستفادة من خبراتهم، وسبق أن واجهت أمريكا حوادث قرصنة واختراقات، وعقدت المباحث الفيدرالية مؤتمرًا دعت إليه عددًا من القراصنة، واستفادت من خبراتهم، ووظفت بعضهم.
الأمر هنا ليس دعوة لتجاوز الجرائم والتحالف مع قراصنة الغش والغشاشين، إنما التوصل لخيط واضح حول مصدر وطرق التسريب، والاستفادة من أى خبرات، مع الفصل بين ما هو إجرامى، وما هو غير ذلك.
هناك مقولات بأن الجريمة لا تفيد، وربما لو تعاملنا مع هؤلاء القراصنة لنعرف ونواجه، قد تفيد الجريمة فى التعرف على طرق مواجهة الجريمة.