أصبحت البلاغات الكاذبة بوجود عبوات ناسفة على متن طائرات مصر للطيران هى المنهج المتبع لإرهاق الشركة وتكبيدها خسائر فادحة، جراء تعطل الرحلات ونزول الركاب لإعادة عمليات التفتيش والفحص للطائرات، ونشر حالة من الفزع بين مستخدمى مصر للطيران ودفعهم دفعا إلى نشر الدعاية السيئة عنها.
البلاغات السلبية بوجود قنابل على طائرات مصر للطيران تأتى غالبا لمطار القاهرة بعد إقلاع الطائرة أو قبيل الإقلاع بعد انتهاء الإجراءات، مما يلزم قائدها إما بتأخير الرحلة أو العودة إلى المطار أو تغيير مسار الرحلة والهبوط فى أقرب مطار لإتمام الإجراءات المعهودة فى مثل هذه الحالات من إعادة الفحص والتفتيش، تغليبا لمبدأ الحفاظ على أرواح الركاب، وفى جميع الأحوال يتحقق للمجموعات الإرهابية التى تستهدف الشركة الوطنية وينتشر الفزع والضجر بين الركاب كما ينتشر مفهوم أن مصر للطيران مستهدفة والأفضل عدم السفر على متن طائراتها، وهذا كاف على المدى المتوسط لتكبيدها خسائر فادحة وتعطيل خطوطها.
الملاحظ أن البلاغات المجهولة بوجود عبوات ناسفة أو كتابة عبارات مخيفة بداخل الطائرة لا تستهدف خطا أو بلدا محددا، وإنما هى اتصالات عشوائية من مجهولين عرفت طريقها إلى إدارة مطار القاهرة، وعادة ما يتم الاستجابة لها بجدية شديدة رغم معرفة المسؤولين بسلبيتها، ورغم اتجاه عديد من الركاب إلى مقاضاة الشركة أو تقديم بلاغات ضدها بسبب تأخير الرحلات، تفسير المسؤولين بمصر للطيران عن اعتمادهم الجدية تجاه هذه البلاغات، وتأخير الرحلات أو الأمر بهبوط الطائرة فى أقرب مطار لتفتيشها، مبرر ومقبول، فهم يرفعون شعار سلامة الركاب أولا مهما كانت الخسائر.
ومع ذلك فهناك سياسة أخرى يمكن اتباعها تجاه هذه البلاغات السلبية التى يعرف مسؤولو مصر للطيران أكثر من أى أحد آخر ما تسببه من خسائر وأضرار، ولنبدأ هذه السياسة بالإعلاء من ثلاثة مبادئ أساسية هى: الثقة والثبات والتعامل الأمثل، فالثقة فى أنفسنا وفى إجراءاتنا الأمنية بالمطارات مطلوبة وواجبة، بعد أن أصبحت مطاراتنا أكثر تشددا من مطارات دول عديدة فى العالم فى الالتزام بالمعايير الأمنية، وما دمنا نطبق أعلى المعايير لضمان سلامة المسافرين، فلاداعى أن نهتز أو نرتبك أمام اتصال مجهول أو عبارة غامضة فى حمام طائرة، كما أن علينا الثبات والتماسك وتفويت الفرصة على من يريدون الإضرار بمصالح شركة الطيران الوطنية، وتثبيت مبدأ أنها مستهدفة من الإرهاب الدولى.
أيضا، الاستجابة الفورية لكل اتصال مجهول يعلم جميع المسؤولين بالشركة ومطار القاهرة سلبيته، ليس هو التعامل الأمثل بقدر ما هو الاستجابة المثلى للإرهابيين وتحقيق أهدافهم، ولنسأل أنفسنا، ماذا لو تجاهلنا البلاغ السلبى أولا وتكتمنا عليه حتى إتمام الرحلة ثانيا، ثم عززنا الإجراءات الأمنية فى مطار الهبوط مرة أخرى؟ ألن يجنبنا ذلك الكثير من الخسائر ويفوت الفرصة على الإرهابيين الذين يستهدفون الشركة الوطنية بشكل أو بآخر؟
أعلم أن كل مسؤول بمطار القاهرة أو بمصر للطيران يخشى أن يتخذ مثل هذا الإجراء الصحيح، خوفا من المساءلة وخوفا كذلك من المصادفات كأن تتعرض الرحلة لأى مكروه لا قدر الله، وهنا نحتاج من مسؤولى مطار القاهرة ومصر للطيران وجميع الأجهزة المعنية أن يتم تشكيل مجموعة لإدارة أزمات المطارات بحسم وسرية وثبات، وهذه المجموعة المختارة عليها اتخاذ القرارات السليمة التى تحفظ سلامة الركاب وكذا سمعة مصر للطيران وتجهض فى الوقت نفسه مخطط الإرهاب للقضاء على شركتنا الوطنية.
اهدأوا تماما، ولا داعى لنشر الفزع بالاستجابة الفورية لاتصالات الإرهابيين وفكروا فى أنهم اكتشفوا الآن ثغرة فى صناعة الطيران الوطنية ويحاولون تدميرها بوسيلة لا يمكن تتبعها أو السيطرة عليها، فهل نساعدهم على إتمام مهمتهم بتدمير أنفسنا، أم نتصدى لهم بشجاعة دون خوف أو ارتباك؟.
فكروا فى كلماتى يرحمكم الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة