ثورة العطش أطفأت مصابيح الفرح بفعل فاعل
كل ما فعله وزير الإسكان مصطفى مدبولى بعد 4 أيام من أزمة انقطاع المياه عن إمبابة، هو تقديم الاعتذار والأسف لسكان المنطقة الذين عاشوا فى معاناة ومأساة إنسانية، ومنذ أول أيام رمضان وحتى عصر يوم الخميس.
لم يصل للوزير نبأ انقطاع المياه عن المنطقة التى يتجاوز عدد من يسكنونها أكثر من مليون نسمة، إلا يوم الخميس وقيامه بتفقد الأعطال التى أدت إلى انقطاع المياه، فالاستغاثات والشكاوى من انقطاع المياه لم تصل الوزارة إلا فى اليوم الرابع دون أية استجابة للإسراع بإصلاح الأعطال، وبعد أن أصبحت الأزمة قضية رأى عام.
فالمواطنون فى إمبابة تحملوا انقطاع المياه لمدة 3 أيام متوالية، ولم يعرفوا سبب انقطاعها، ولم يعلن أى مسؤول عن اتخاذ أية إجراءات لمواجهة الأزمة وتوفير المياه للسكان إلا فى مساء اليوم الثالث وخروج أحد المسؤولين بوعد إصلاح العطل، وبدء تدفق المياه مساء اليوم نفسه، ولأنه وعد من مسؤول حكومى فلم تصل المياه إلا بعدها بيوم كامل.
الكلام عن الفقراء والأغنياء وعدم اهتمام الدولة بالغلابة عاد من جديد على لسان السكان بسبب إهمال مسؤولين هنا أو هناك. والأسف وحده لا يكفى، وربما يكون أسفا واعتذارا غير مقبول من وزير الإسكان، أو على أقل تقدير جاء متأخرا جدا بعد أن عاش الناس أيام الصيام الأولى بلا مياه فاضطروا لشرائها.
أزمة انقطاع المياه فى إمبابة وفى مناطق متفرقة من أنحاء الجمهورية فى القليوبية والإسكندرية، أضاعت الفرحة بقرار رئيس الجمهورية بزيادة المعاشات، اعتبارا من يوليو المقبل واستفادة 9 ملايين مواطن من القرار، ليصبح الحد الأدنى لجميع المعاشات التأمينية 500 جنيه، وهو قرار يستحق الإشادة وخطوة أولى لإعادة النظر فى قضية المعاشات، التى تهم 9 ملايين أسرة فى مصر.
وفى مرات سابقة قلت، إن هناك من يسعى دائما لإفساد الفرحة و«ضرب كرسى فى الكلوب» بعد كل قرار لصالح الناس، وهناك من يسعى للتنكيد عليهم، فالمفترض أن يفرح القرار ملايين الناس، لكن «ثورة العطش»، أطفأت مصابيح الفرح بفعل فاعل.
أزمة انقطاع المياه متوقعة وأسبابها معروفة والوزير بنفسه اعترف أن المخالفات والعشوائيات وتهالك الشبكة القومية للمياه والصرف الصحى وراء تكرار الماسأة دائما وفى عز الصيف، إذن وبعد كلام وزير الإسكان، من المفترض والمنوط به أن يزيل ويعالج هذه الأسباب، فالوزير ليس مواطنا عاديا لكى يعدد الأسباب والمشاكل، وإنما مسؤول عليه أن يعرف المشكلة ويضع لها حلول، فالشكوى من حق المواطن فقط، أما المسؤول فعليه الحل.
فتهالك الشبكة القومية للمياه وللصرف الصحى معروف منذ عشرات السنين، ومع ذلك لم تتحرك حكومة لتجديدها، والكل يعرف أن هناك شبكات لم تتغير أو يجرى لها عمليات صيانة فى محافظة الجيزة منذ 30 عاما. وهناك محطات لم تمتد لها يد الإصلاح والتجديد والتطوير فى محافظة القاهرة منذ عام 1914. هذه حقيقة فعلا، وتغييرها سيؤدى إلى إغلاق شوارع رئيسية فى القاهرة، وتحتاج لاستثمارات مالية كبيرة وميزانية.
السؤال الآخر ومن سمح بالمخالفات والبناء فوق خطوط المياه الرئيسية. فالمخالفات لا تقتصر فقط على القرى والمناطق العشوائية، وإنما فى المناطق الراقية أيضا فى القاهرة والجيزة والإسكندرية وفى معظم مناطق الجمهورية، فهدم الفيلات والمنازل القديمة وبناء العمارات الشاهقة عليها هو عشوائيات أيضا، لأنه يشكل ضغطا على كل الخدمات سواء كهرباء أو مياه أو صرف صحى، علاوة على الازدحام المرورى والتكدس السكانى. ويصبح الجميع فى انتظار كارثة متوقعة مثلما يحدث الآن، فمن سمح بهذه المخالفات ومن صرح بالبناء المخالف فى هذه الأحياء.. لا نريد أسفا واعتذارا، وإنما نريد تحركاً سريعاً وقرارات شجاعة قبل وقوع الكارثة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة