قد يكون مقبولا ترديد الشائعات إذا كانت التصريحات غير واضحة أو قابلة للتأويل، لكن عندما يكون التصريح واضحا والقرار لا يحتمل التفسير ورغم ذلك تخرج الشائعات والأخبار تلوى المعنى وتحرف الكلام وتجتزئ المعنى، فالمؤكد أن هناك من يقصد التشويه والإرباك، أو من يتعمد خلق حالة من الغضب الشعبى ضد الدولة أو مؤسساتها.
حدث هذا بالفعل مع القرار الجمهورى رقم 233 لسنة 2016 الذى صدر مؤخرا بتكليف القوات المسلحة بمسئولية كيلو مترين على جانبى 21 طريق ضمن المشروع القومى للطرق، فالمفترض أن القرار الجمهورى واضح ولا مجال فيه للبس أو الاجتهاد، القرار كما جاء فى مضمونه تخصيص الأراضى الصحراوية بعمق كيلو مترين على جانبى 21 طريقا لوزارة الدفاع بهدف حمايتها، إذن القرار بوضوح شديد لا تملك القوات المسلحة هذه الأراضى وإنما يحملها مسئولية الحماية لهذه المساحات الشاسعة لتحافظ عليها من أباطرة التعديات ومافيا اغتصاب أراضى الدولة الذين لا يفوتون فرصة إلا ويقتنصونها من أجل التربح وحصد الثروات على حساب الشعب.
القرار أراد أن يتلافى خطأ كانت جهات الدولة ترتكبه فى الماضى عندما كانت تترك الانتهازيين يفرضون سيطرتهم على أى أرض تجاور الطرق الجديدة حتى يفرضوا أمرا واقعا ويصبح لهم وضعا قانونيا من لا شيء، وترتب على هذا أن مئات الآلاف من الأفدنة ضاعت ونهبت على عين الحكومة وبسبب ضعفها أو فساد بعض الجهات فيها، لذلك قرر الرئيس أن تتولى مسئولية هذه الأراضى الواقعة على 21 طريقا استراتيجيا جهة قوية لم يخترقها الفساد ولا توجهها أهواء شخصية، وهى القوات المسلحة، التى لا تمتلك هذه الأراضى ولا تملك حتى حق التصرف فيها، وإنما تخصص لها كى تحميها ضد البلطجية وحرامية الأراضى حتى تتاح للحكومة فرصة إقامة المشروعات التنموية عليها، وتأكيدا لهذا المعنى الذى تجاهله أصحاب النوايا السيئة كان القرار الجمهورى صريحا بأن التنمية فى هذه المناطق من اختصاص جهات الدولة المعنية عن طريق مجلس الوزراء وليس القوات المسلحة، بل وأى تعاقد رسمى وقعته أى جهة فى الدولة قبل صدور القرار الجمهورى سيظل ساريا احتراما للعقود والتزامات الدولة.
إذن الجيش لم يسيطر على الأرض ولم يحصل عليها، كما يروج البعض، وإنما تحمل فقط عبء حمايتها كما يحمى كل حدود مصر وأمنها من أجل الأجيال القادمة، ومن أجل أن يستفيد الشعب منها بدلا من أن يستغلها "حرامية الأراضى"، فلماذا يتحول الأمر إلى شائعات تروج أن الرئيس منح الجيش ملكية أهم أراضى فى الدولة؟!
هذا بالتأكيد جزء من مخطط تشويه القوات المسلحة وترويج حقير لفكرة عسكرة الدولة التى ما زال البعض يصر على تصديرها إعلاميا وسياسيا على غير الحقيقة، فالقوات المسلحة ليست، كما يحاول البعض تصويرها، طامعة فى الدولة وراغبة فى السلطة، وإنما الحقيقة التى يجب أن نعترف بها أن هذه المؤسسة تتحمل الآن أعباء إضافية ليس حبا فى ذلك وإنما تنفيذا لعقيدتها الثابتة وواجبها المقدس بحماية مقدرات الشعب وثرواته من الضياع والإهدار المتعمد الذى كان يتم تحت رعاية الفساد والمفسدين.