شهر رمضان الذى أظلنا بخيره العميم، وجعلنا الله عز وجل من عباده المُكرمين بإدراكه، حيث كانت دعوة النبى، صلى الله عليه وسلم، لبلوغه وإدراكه، وإذا أدركنا شهر رمضان، وإذا كنّا فيه، وإذا كنّا نتخلص، ونسعى للخلاص فيه من ذنوب عام كامل، فإن هناك بعض الأمور التى بها يبلغ الإنسان مراده بإذن الله، ويُغفر له ما تقدم.
فهناك بعض الناس يفهمون رمضان فهمًا خاطئًا، فإذا دخل شهر رمضان قعدوا فى بيوتهم، وانقطعوا لمصاحفهم وصلاتهم وتسبيحهم لله عز وجلّ، وانقطعوا عن دنياهم، ومع أن هذه الأمور، أمور جيدة، ومحببة فى العبادة، لكنها قد تكون معصية من بعض الناس!.. نعم، إذا كان الإنسان يُوكل إليه عمل من الأعمال، تتعلق به مصالح الناس، ولا يوجد من يقوم بهذا العمل، إن تغيّب هو عنه، فإن هذه العبادة ربما تكون فى ميزان المعصية لا فى ميزان الطاعة.
فعمله الذى فُوّضَ فيه وأُوكل إليه ويتقاضى عليه الأجر، أولى من انقطاعه لقراءة القرآن والتسبيح والذكر، لأن هذا العمل فرض عليه، وواجب عليه أن يُؤدى العمل الذى يتقاضى فى مقابله أجرًا ومالا؛ ولذلك على كل عامل أن يَعى هذا الأمر، وأقصد بالعامل كل موظف فى الدولة، بل كل من له عمل، ولو لم يكن موظفًا، ولكنه يَهُم أمور الناس حتى ولو كانت من الأمور الخاصة، فإذا كان لديه مشروع أو عمل، يعتمد عليه الناس كمخبز مثلًا، ليست له الحرية فى أن يغلقه فى شهر رمضان، لأن الناس يحتاجون إليه.
إن كثيراً من المسلمين اليوم جعلوا من رمضان مرتعاً للنوم، والحقيقة أن شهر رمضان ليس شهر خمول ونوم وكسل، ولكه شهر جهاد وعبادة ودعوة، لذلك ينبغى للمسلم أن يستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد، وكيف لا نكون كذلك فى شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسالنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.
فرمضان هو شهر العمل، وشهر الاجتهاد، وشهر العبادة، والعبادة فى الإسلام لا تنحصر فى الصلاة، ولا فى الصيام، ولا فى الزكاة، ولا فى الحج، ولا فى كثرة الركوع والسجود، ولا فى ذكر الله عز وجلّ، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك لا تعمل عملاً تبتغى به وجّه الله إلا أُجرت عليه، حتى ما يجعل الرجل فى فىِّ زوجته»، والعمل الذى ذُكر فى الحديث، ذُكر مُنكّرا، حتى يشمل جميع الأعمال التى يُمكن أن يقوم بها الناس، ولا شك أن من أولها العمل الذى أُسند للإنسان، ويتقاضى عليه أجرا، يحاسبه الله عزَّ وجلَّ على العمل الذى يقابله. فإلى العمال، وإلى جميع الموطفين، وإلى جميع أصحاب المصالح الخاصة والعامة التى تهم الناس، أن يحافظوا على أعمالهم فى رمضان، وأن يضربوا المثل والقدوة وأن يجتهدوا فيه أكثر من اجتهادهم فى غير رمضان، إن أرادوا أن يخرجوا من رمضان وقد غُفر لهم ما تقدم من ذنوبهم، جعلنا الله عز وجلّ ممن يحافظون على القيام بواجباتهم، وأداء أعمالهم فى رمضان، إنه على ما يشاء قدير، وإلى لقاء آخر بإذن الله، نستودعكم الله.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كرم
الفساد الاداري
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الي رقم 1..هؤلاء هم المنافقين...تجار الدين ...دعاه السلام والاسلام والدين والورع والخشوع