يوسف أيوب

ما هو الشكل المناسب للعلاقات المصرية الأمريكية؟

الإثنين، 13 يونيو 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هو الشكل المناسب للعلاقات المصرية الأمريكية؟.. «أدبيات السياسة اللى قبل كده مش ملزمة ليا.. نحن فى علاقة استراتيجية قوية وبنعترف إنه كان ليهم دور إيجابى جدا جدا مع مصر خلال السنيين اللى فاتت ولغاية دلوقتى، بس هانظلم العلاقة لو تصورنا أن أدبيات السياسة اللى كانت موجودة من 30 سنة ممكن تصلح دلوقتى، هى دى النقطة اللى محتاجين كلنا نبقى واخدين بالنا منها».. تلك كانت إجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى على سؤال وجهه الإعلامى أسامة كمال حول العلاقات المصرية الأمريكية.

رد الرئيس يرسم علاقة مصر المستقبلية بالولايات المتحدة الأمريكية التى مرت بعد ثورة 30 يونيو بمنعطفات مختلفة، بدأت بارتباك من جانب الإدارة الأمريكية تجاه ما يحدث فى مصر، ثم تحدٍّ للإرادة الشعبية المصرية، فمحاولة تغيير للمسار إلى أن وصلنا إلى علاقات استراتيجية تقوم على التفاهم المتبادل والرؤية شبه المشتركة لقضايا المنطقة، فضلاً عن انفراجة فى العلاقات العسكرية والاقتصادية.

ورغم هذه الانفراجة بقيت نقطة مهمة، وهى: لماذا لم يسافر الرئيس السيسى إلى واشنطن، أو جاء باراك أوباما للقاهرة، فتبادل الزيارات الرئاسية بالطبع دليل على قوة العلاقات ومتانتها، ومنذ انتخاب الرئيس السيسى رئيسا لمصر قبل عامين لم يجر زيارة رسمية للولايات المتحدة كما لم يفعلها أوباما، ولا يغنى عن ذلك لقاء الرئيسين فى نيويورك العام قبل الماضى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما لا يغنى عن ذلك أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى زار القاهرة أكثر من عشر مرات طيلة الشهور الماضية، كما أن سامح شكرى زار واشنطن أكثر من مرة، وهناك زيارات متبادلة لمسؤولين أمريكيين ومصريين، لأن المهم تبادل الزيارات الرئاسية كما سبق وقلت.

وبالتأكيد لن يجرى الرئيس السيسى زيارة رسمية لواشنطن هذا العام كما لن يزور أوباما مصر وهو رئيس للولايات المتحدة، خاصة أن أيامه فى البيت الأبيض بقيت معدودة، فبنهاية العام الجارى سيغادر الإدارة الأمريكية ليسلمها إما لهيلارى كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطى، وإما منافسها الجمهورى دونالد ترامب، لتفتح مصر بداية من 2017 صفحة جديدة مع سكان البيت الأبيض الجدد.

عدم قيام الرئيس بزيارة رسمية لواشنطن يمكن النظر إليها على أنها تعبير عن الأدبيات الجديدة للسياسة الخارجية المصرية، فالحج إلى البيت الأبيض لن يحدث إلا إذا كان هناك داع إقليمى أو دولى لذلك، فالرئيس السيسى يؤمن بقدرة الولايات المتحدة وإمكانياتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، ويعلم أنها مازالت القوى الكبرى فى العالم الآن، حتى وإن كانت هناك مزاحمة من جانب روسيا والصين وقوى أوروبية صاعدة، لكن رغم ذلك فؤن رئيس مصر لديه إيمان بقوة البلد الذى يتولى رئاسته، فمصر تحت رئاسة السيسى ليست مصر فى الماضى، التى كانت تأخذ التوجه الأمريكى بوصلة للكثير من قراراتها، لكنها الآن تنظر للولايات المتحدة نظرة استراتيجية تقوم على المصالح المتبادلة والمشتركة، فالقرار لم يعد يسير فى اتجاه واحد، وإنما أصبح له الآن اتجاهان.

ما قاله الرئيس هو تأكيد للسياسة الخارجية التى اتبعتها مصر منذ عامين والقائمة على عدد من المحاور، منها التحرك بشكل مكثف فى كل الدوائر الحيوية بالنسبة لمصر، وشرح وجهة النظر المصرية والدفاع عنها والتمسك باستقلالية القرار المصرى، وتأكيد عدم التبعية والاستعداد للشراكة مع الجميع فى إطار الاحترام المتبادل، مع العمل على استعادة مصر دورها فى محيطها الإقليمى عربيا وأفريقيا، وفتح قنوات اتصال وتواصل دائمة مع كل دول العالم، وهو ما تمت ترجمته بـ44 زيارة قام بها السيسى خارج مصر قضى خلالها 65 يوما خارج البلاد، وكان من نتيجتها العودة إلى عضوية الاتحاد الأفريقى، والحصول على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن لعامى 2016 - 2017، والانطلاق نحو الشرق بأفق جديد وخاصة تجاه روسيا والصين لإعادة الاتزان لسياستنا الخارجية.

كل هذه التحركات كانت ترجمة واقعية لسياستنا الخارجية التى رسمت طريقا جديدا لمصر، يقوم على تعدد المسارات وعدم ارتكانها على مسار واحد وهو المسار الأمريكى، وهو التوجه الذى سيسود سياستنا الخارجية مستقبلاً، خاصة فى ظل إدراك مصر أن خريطة العالم تتغير، ولم يعد يجدى العمل على مسار واحد وتجاهل الآخرين، فمصر الآن عادت إلى حضنها العربى وعمقها الأفريقى، وأقامت علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا بالتوازى مع الولايات المتحدة، دون أن تنسى أهمية التنسيق المستمر مع الشركاء الأوروبيين، والتفاعل الدائم مع القوى البازغة مثل الصين والبرازيل واليابان والهند وجنوب أفريقيا.

لا أقول الندية، لكن لغة المصالح المشتركة هى التى يجب أن تحكم العلاقات المصرية الأمريكية، مع إدراك كل طرف بأهمية الطرف الآخر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة