مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حفل إفطار الأسرة المصرية، السبت الماضى، الحكومة بالتدخل للعمل على تحقيق مزيد من ضبط الأسعار، مع الدعوة إلى أهمية ترشيد الأسعار والشعور بمعاناة المواطنين والمساهمة مع الدولة فى جهود التخفيف عنهم، ولاسيما بالنسبة لمحدودى الدخل والفئات الأولى بالرعاية، لا ينبغى فهمها على أنها كلام «فض مجالس»، أو تهدئة النفوس الغاضبة من الارتفاع المتتالى لأسعار السلع الأساسية، وإنما هى رسالة قوية وشديدة أيضا لكل المسؤوليين عن هذه الأزمة التى نعيشها الآن.
بكل تأكيد هناك إدراك رئاسى لمعاناة الأسر المصرية من ارتفاع أسعار السلع، فالرئيس قارئ جيد للتقارير التى ترفع إليه عن كل صغيرة وكبيرة فى البلد، كما أنه متابع لما يجرى، ولديه إلمام بكل المشاكل والأزمات، ومنها بطبيعة الحال ارتفاع الأسعار، لذلك جاءت مطالبته للحكومة لكى تتخذ المزيد من الإجراءات لضبط أسعار السلع الغذائية والتخفيف عن كاهل المواطنين خاصة البسطاء ومحدودى الدخل خلال شهر رمضان، وقال إنه يشعر بكل إنسان مصرى يعانى من ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية، ولتأكيد رسالته قال: «لكل إنسان بيعانى إحنا حاسين بيك وشايفينك».
الإدراك الرئاسى للأزمة يجب أن يكون محفزا للحكومة ولكل الأجهزة الرقابية لكى تتدخل بسرعة لضبط الأسعار، خاصة أن حديث الرئيس السبت الماضى سيستتبع متابعات مستمرة من جانب الرئيس للوقوف على كل التطورات، وهل بالفعل هناك عمل تم إنجازه أم لا، لذلك فإن وزارة التموين ومعها وزارة الداخلية ممثلة فى شرطة التموين، ومعها جمعيات المجتمع المدنى المعنية بضبط الأسواق، على كل هؤلاء مسؤولية مشتركة لضبط الأسعار وإعادتها مرة أخرى إلى المعدلات الطبيعية، وبالتوازى مع ذلك يجب ألا ننسى أن للمؤسسات الدينية والإعلامية دورا مهما فى توعية المواطنيين بأهمية القضاء على غول ارتفاع الأسعار، بما يؤثر على ميزانية الأسر المصرية ويثقل من حجم المسؤوليات الملقاة على هذه الأسر.
نعم أقول المؤسسات الدينية ممثلة فى الأزهر والأوقاف والمساجد والكنائس، والمؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة، لأن دورها لا غنى عنه فى مثل هذه الحملات التى تستهدف فى المقام الأول نشر التوعية فى المجتمع، وهو الدور المجتمعى الذى يجب أن تضطلع به هذه المؤسسات، لأن قضية الأسعار هى قضية أمن قومى تتطلب تضافر جهود الجميع حتى نصل إلى تحقيق الهدف الأساسى الذى نسعى إليه جميعا وهو توفير كل السلع والمنتجات بأسعار معقولة تتناسب مع تكلفتها وهامش ربح للقائمين على عملية البيع.
جزء مهم من الرسالة كان موجها أيضا لتجار السلع الغذائية حينما قال الرئيس: «الأسعار بتيجى فى رمضان وتغلى ليه ونغلى السلع على الناس؟.. الشهر ده الاستهلاك بيزيد عن كل شهور السنة حوالى 20 ٪ فالمفروض الأسعار مش تزيد.. أرجو أنكم تترفقوا وتحنوا على أهلكم اللى هما المصريين»، وهى رسالة أولى من الممكن أن تتبعها رسائل أخرى تستهدف كل التجار المغالين فى الأسعار، فإذا لم تستجيبوا لهذا النداء بالحسنى، فلا سبيل سوى تطبيق القانون وفرض سيطرة الدولة لإعادة ضبط الأسواق مرة أخرى، وسيطرة الدولة لا تعنى التأميم كما كان يحدث فى الماضى، أو وضع أسعار استرشادية رغم تحيزى لهذا المقترح، لكن السيطرة هنا تعنى أن الدولة سيكون لها دور قوى وفاعل لضبط الأسعار.
ولا ننس أن الرئيس قبل شهرين طالب الحكومة والقوات المسلحة ببذل الجهد للحفاظ على الأسعار وعدم ارتفاعها حتى فى ظل تذبذب الدولار وارتفاع سعره، وقال فى خطابه إلى الشعب المصرى بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لتحرير سيناء: «أنا بكلف الحكومة بحساب فرق الأسعار والتضخم الناتج عن التذبذب للدولار من خلال منظومة التموين، ليتم ضخ نقاط تعادل حجم هذا التضخم أو تزيد لصالح الطبقات محدودة الدخل البسطاء.. بطمن الشعب المصرى وبطمن كل الناس البسطاء، منتبهين أوى لكم وعارفين أنكم بتعانوا ومش هنسيبكم تعانوا»، كما كلف وقتها الجهات المعنية بتوزيع 2 مليون مجموعة سلع أساسية للمحافظات والفئات محدودة الدخل، لكن يبدو أننا بحاجة لزيادة هذه الإجراءات مع وضع قواعد حاسمة للتعامل مع التجار المتلاعبين فى الأسعار، وهنا يبرز دور البرلمان الذى عليه البحث بسرعة عن قواعد قانونية تضع قيودا على عملية التسعير ولو بشكل مؤقت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة