هل نحتاج لتعديل وزارى؟.. عادت مرة أخرى بورصة التكهنات لتدور حول تعديل وزارى مفترض أن يتم بعد شهر رمضان، والأحاديث الآن تختص وزارات بعينها، مثل التربية والتعليم، والصحة، والرى، ورغم أنه لا توجد تأكيدات رسمية حتى الآن بشأن هذا التعديل، لكن الارتباك بدأ يسيطر على الوزراء محل الجدل، لدرجة أن بعضهم تواصل مع صحفيين نشروا أخبارًا عن التعديل المرتقب للاستفسار منهم عن مصدر المعلومة للتأكد، وكذلك لترتيب أوراقهم.
وبجانب التعديل الوزارى، فهناك أيضًا أحاديث عن حركة محافظين يمكن وصفها بالتعديل المحدود الذى يشمل محافظة القاهرة التى اختير محافظها جلال السعيد قبل شهرين تقريبًا وزيرًا للنقل، وبقيت الوزارة من وقتها إلى للآن بدون محافظ، ويتولى إدارتها «قائم بالأعمال»، بالإضافة إلى شائعات تدور حول محافظين باتوا فى حكم المستبعدين بسبب إخفاقاتهم المتتالية، مثل محافظ المنيا الذى فشل فى التعامل مع أزمة سيدة المنيا التى تم تجريدها من ملابسها، ولم يتحرك إلا بعد تدخل رئاسة الجمهورية.
ولا يخفى على أحد الخلاف الظاهر حاليًا بين النواب والحكومة بسبب تجاهل وزراء الأخيرة الرد على طلبات الإحاطة المقدمة من النواب، والتى تخص أزمات ومشاكل تعانى منها دوائرهم، ووصل الأمر إلى تهديد واضح وصريح من الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، للحكومة بأن البرلمان قد يضطر لاستخدام الأدوات الرقابية ضد الحكومة إذا لم تتجاوب مع طلبات الإحاطة المقدمة من النواب، وهو ما زاد من وتيرة التكهنات حول التعديل الوزارى المرتقب، خاصة أن هناك اتجاهًا فى الدولة لمنع أى صدام بين الحكومة والبرلمان.
نحن أيضًا أمام تقارير إخبارية تشير إلى أن هناك تقييمًا شاملًا يجرى حاليًا لعدد كبير من الوزراء، خاصة بعد حالة الاستياء من أداء بعض الوزراء، من بينهم الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم، بسبب عدم سيطرة الوزارة على تسريب امتحانات الثانوية العامة، وهى القضية التى أحدثت ضجة كبيرة فى المجتمع المصرى، واستدعت تدخل رئيس الوزراء، وتكليف وزارات سيادية للتحقيق فى الموضوع للوصول إلى حل، ووقف عملية تسريب الامتحانات.
وهناك أيضًا أقاويل حول نية رئيس الحكومة الإطاحة بوزيرى الصحة والرى، لزيادة الأزمات والمشاكل فى القطاعات المسؤولين عنها، ومن يتابع الأداء خلال الأيام الماضية، سيجد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى عقد بنفسه عدة اجتماعات متتالية مع الوزراء، سواء فى حضور المهندس شريف إسماعيل أو فى غيابه، لمتابعة وتقييم الوزراء ومدى تنفيذهم للملفات المكلفين بإنهائها، خاصة فى قطاعات الإسكان والصحة والتموين والتربية والتعليم والنقل، وجاءت هذه الاجتماعات فى ضوء الاهتمام الرئاسى بالملفات الخدمية المرتبطة بحياة المواطنين، خاصة فى ظل التقارير التى وصلت للرئاسة، راصدة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكذلك شكوى البعض من انقطاع المياه، ومن الواضح أن الرئاسة تحاول تقصى الحقائق حول كل ما يثار بشأن أداء بعض الوزراء.
هذا ملخص لما يحدث، لكن يظل السؤال: هل نحن فى حاجة لتعديل وزارى حتى وإن كان محدودًا؟.. لدىّ قناعة شخصية بأهمية الاستقرار، بمعنى أن يبقى المسؤول فى منصبه الفترة التى تمكنه من أداء المهام المكلف بها، وعدم الإطاحة به فى أول أزمة، شريطة أن يكون هذا المسؤول اختير لكفاءة شخصية فى إدارة الملفات الواقعة تحت الإدارة التى اختير لها، فلا يعقل أن تكون الوزارات حقل تجارب، نطيح بالوزير أمام كل أزمة.
لست ضد مبدأ التغيير، لكن الاستقرار شىء مهم أيضًا، ولا ننسى أن ما نعانى منه حتى الآن سببه عدم الاستقرار والتغيير فى الحكومات لسبب ومن دون سبب، فوصلنا إلى درجة أن الشارع لم يعد يعرف أسماء الوزراء ولا أشكالهم، لذلك فإننى أطالب بالتريث فى التعديل، وإذا كان هناك قرار نهائى بإجراء تعديل، فالأهم من فكرة التعديل هو الاختيار المناسب، حتى لا نعود مرة أخرى، ونطالب بتغيير وزير أو أكثر.
التريث مهم جدًا فى هذه المرحلة، وحسن الاختيار هو الأساس الذى يجب أن نبنى عليه، حتى يحقق أى تعديل وزارى الهدف المرجو منه، لأن المهم بالنسبة لى ليس تعديل الوجوه، إنما السياسات والإجراءات.