أكرم القصاص

رجال دنيا يتاجرون بالدين

السبت، 18 يونيو 2016 07:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فتاوى الشطاف وبيزنس الدعوة
ما حكم الشطاف واللايك والهيافة فى نهار رمضان. البعض يندهش من بعض الفتاوى تتناول شؤون تافهة، وبعضهم يستبعد أن تكون هناك عقول بهذه الضحالة، وهؤلاء لم يروا خلال عقود دواعش وفلاحس يملأون الدنيا من حولنا. وبالتالى فإن من أرهق نفسه وقريحته بحثا عن حكم شطاف الحمام أو قتل البرغوث أو عمل لايك على فيس بوك. هو نموذج للسائل، وهناك مقابله المسؤول على نفس الخط من التفكير. بالمناسبة فتوى الشطاف، والهيافة ليست جديدة، هناك قبل قرون رجل سأل عمرو بن قيس عن حصاة المسجد يجدها الإنسان فى خفّه أو ثوبه أو جبهته.. فقال له: إرم بها. فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد. قال بن قيس: دعها تصيح حتى ينشق حلقها. قال الرجل: أولها حلق؟.. قال عمرو: فمن أين تصيح إذن؟.

وسأل أحد التافهين الإمام الشعبى: «هل يجوز للمحرم أن يحك بدنه؟..قال: نعم، قال: مقدار كم؟ قال: حتى يبدو العظم. وهذا آخر سأل عن المسح على اللحية، قال له الشعبى: خللها بأصابعك، قال السائل: أخاف ألا تبلها، قال: إن خفت فنقعها من أول الليل. ومنهم رجل جاء إلى أبى حنيفة، فقال له: إذا دخلت النهر لأغتسل فإلى القبلة أتوجه أم إلى غيرها؟ فقال له: الأفضل أن يكون وجهك إلى جهة ثيابك لئلا تسرق.

الأسئلة قديمة، لكن كيف كان العلماء يواجهون هيافة السائل؟. نقول علماء لأننا نسمع ونقرأ كثيرا من يسمون أنفسهم «علماء»، وبعضهم تجار دعوة، وبعضهم يورث مهنة «الفتى» لابنائه ومساعديه ونرى «ابن الشيخ» فلان يفتى فى أمور الدين ويحشر نفسه فى العلماء. مدعون لا يتجاوزون أبواب الخلاء وغرف النوم. بعض المشايخ قضوا شهورا وسنوات يقنعون جمهورهم بالرقية والعلاج بالقرآن، ويحرمون نقل الدم والأعضاء، ويمرض الواحد منهم ليسافر ويتلقى العلاج فى المستشفيات الأجنبية وعلى يد أطباء أجانب ممن يحرم على مستمعيه وزبائنه الاقتراب منهم.

نحن هنا أمام رجال دنيا، يتاجرون بالدين ويتربحون، من بيع الكلام فى الفضائيات والمجالس. رجال بيزنيس وليسوا رجال فتوى. رأيناهم يحرمون الإنترنت ويحذرون من اليوتيوب ويضعون فتاوى التحريم بالفيديو على المواقع، فالشبكة حرام لغيرهم حلال لهم.

كل هذا يستدعى أن يشغل أصحاب العقول عقولهم، ليعرفوا أن تجار الدعوة لا يختلفون عن تجار الدعاية وشركات الاتصالات، كل همها أن تبيع دقائق إضافية. وأن أدوات الاتصال والتواصل، صماء يمكن استخدامها فى العلم والتعلم أو الغش أو الاتجار بالعلم أو الدين. وأن طرح الأسئلة هو بداية التفكير، وأن تكون أسئلة صحيحة، تتجاوز الشطاف واللايك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة