الدولة السورية فى طريقها للانتصار على الفوضى
الولايات المتحدة فشلت فشلا ذريعا فى تنفيذ مشروعها فى سوريا، لكنها لا تريد الاعتراف بفشلها أو ترك هذا البلد العربى الجميل ينعم باستقراره، وينهى معاركه فى مواجهة شراذم المتطرفين والأفاقين بنجاح. واشنطن كلفت تركيا وقطر وغيرهما بتجنيد المرتزقة من كل بقاع الأرض وتسلحيهم لإشعال الحرب الأهلية هناك، دعمت تنظيم داعش لتفتيت البلاد، حتى تقدم مبررا لاجتياحها المجال الجوى السورى وعدوانها على أى هدف تريد، جمعت أكثر من ثلاثين دولة فى تحالف دولى يقصف أهدافا غامضة باستمرار دون أن يحقق إلا الدمار الشامل جوا وبرا وبحرا، وفى النهاية ها هى تلوح بتدخل عسكرى من خلال مذكرة وقعها 50 دبلوماسيا بوزارة الخارجية الأمريكية، ينتقدون بشدة سياسة الولايات المتحدة، ويطالبون بضربات عسكرية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد لوقف ما أسموه بانتهاكاتها المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار فى الحرب الأهلية الدائرة هناك.
هكذا عبر الدبلوماسيون الأمريكيون الخمسون عن الموقف الجديد، الذى يمكن أن تتخذه إدارة أوباما للتغطية على فشلها فى سوريا، وبعد أن استعادت قوات الجيش السورى تدمر ودخلت إلى مناطق داعش بالرقة تمهيدا لاحتواء الفصائل الإرهابية المسلحة، واستعادة وحدة الأراضى السورية تحت إدارة حكومتها الشرعية. التقدم السورى دفاعا عن السيادة ووحدة الأراضى السورية بات أمرا غير مقبول أمريكيا، وفق الواقع المزيف الذى لا ترضى بغيره إدارة أوباما، الذى يقضى بأن سوريا منكوبة بالحرب الأهلية، وأن لا منتصر أو مهزوم فى هذه الحرب، وأن المفاوضات التى ترعاها واشنطن لفرقاء هذه الحرب باختلاف أوزانهم وتوجهاتهم، لا بد أن تنتهى إلى تقسيم الدولة السورية، وأى تغيير فى التصور الأمريكى عن سوريا وعن الحرب الأهلية التى صممتها ومولتها عبر شركاء عرب، وكذا أى خروج عن النتائج المطلوبة يعتبر انتهاكا فاضحا.
يومًا بعد يوم تزيد فرص الجيش السورى فى دحر التنظيمات المتطرفة على الأرض، وهو ما يقلق الإدارة الأمريكية بوضوح، وحال استمرار هذا المنهج الحالى بالتنسيق مع قوات الجو الروسية، دون تدخل أمريكى تركى بأسلحة نوعية جديدة تكبد الجيش السورى خسائر كبيرة، أو ضخ مزيد من الأموال الخليجية لمجموعات المرتزقة المقاتلة، أو دفع أذنابها العرب للتدخل البرى عسكريا، لن يواجه الجيش السورى عقبات كبيرة باتجاه تقدمه المستمر شرقا وشمالا، وصولًا إلى الحدود العراقية.
التقدم الكبير للجيش السورى فى ميدان القتال سينعكس بالضرورة على طاولة المفاوضات المعطلة، ونتوقع أن ينجح بشار الأسد فى نسف المفاوضات من أساسها، لأنها ستصبح لا مبرر لها ولا تمثل توازنات القوى على الأرض، أو فى أسوأ الأحوال تجاوز عقبتين كبيرتين فى ميدان المعركة الدبلوماسية بجنيف، الأولى استبعاد خيار الأسد خارج المعادلة بالحرب أو بالمفاوضات، وهو الخيار الأمريكى الخليجى بامتياز، الذى أفشل المفاوضات الدائرة أكثر من مرة حتى الآن، أما العقبة الثانية فهى خيار الكونفدرالية الذى لوحت به بعض الفصائل المعارضة التابعة لواشنطن، خصوصًا الفصائل الكردية فى الشمال والغرب، وهو ما يعنى على الأرض تحقيق تقسيم سوريا بالمفاوضات بعد أن عجزت الفصائل عن تحقيق هذا الخيار بالقتال على الأرض.
إجمالًا، اللحظة المقبلة هى لحظة استعادة الوعى السورى بضرورة الحفاظ على البلاد موحدة وغير مقسمة تحت أى ذريعة، وكذا إمكانية التبريد فى ساحات القتال بعد حسم الجيش السورى المعركة الفاصلة مع داعش فى الرقة، وطرد فلول المرتزقة من الأراضى السورية، ثم فتح باب العودة أمام المقاتلين السوريين المخدوعين بالشعارات الباطلة أو بالأموال الخارجية، وكذا بدء عودة السوريين المهاجرين فى أوروبا وفق مشروع أوربى ودولى لإعادة الإعمار، وفى ذلك إنقاذ لسوريا وأوروبا معا، وإعلان عن انتصار الدولة السورية على الفوضى نهائيا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة