- الحكومة تتقدم بمشروع عدالة انتقالية.. والمستشار سرى صيام يحذر البرلمان من مخاطره الجسيمة
إلى أى شخص مسؤولا كان أو معلوما لدى الناس بنشاط سياسى أو حقوقى، أو أى جهة رسمية فى الداخل أو الخارج، من الذين لا يهدأ لهم بال فى طرح المبادرات عن المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، نقول لهم، لقد فقدت كل مصطلحات الشتيمة الوقحة معناها أمام مبادراتكم، ولم تعد تعبر مطلقا عن حالة الغضب والسخط الساكن فى صدور المصريين بكل انتماءاتهم.
أما وأن الحكومة دخلت على خط طرح مبادرات المصالحة، فهو أمر يعجز العقل عن تصديقه، حيث يدور فى الكواليس مشروع قانون للعدالة الانتقالية، يعكف على إعداده المستشار مجدى العجاتى، وزير الدولة للشؤون البرلمانية والقانونية، ويتضمن أحد مواده المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية.
هل هذا منطقى ومقبول أخلاقيا وقيميا ووطنيا وسياسيا؟ هل يمكن لنا أن نضع أيدينا ونصافح اليد التى تلوثت بدماء أطهر وأشرف من فى مصر جنود الجيش والشرطة؟ هل نغفر كل خطايا وجرائم جماعة إرهابية ارتكبت من الموبقات ما لا يصدقه أكثر أعدائنا من اتباع سياسة الأرض المحروقة من حرق البشر والشجر، وهدم الحجر، وتأليب أعدائنا للتدخل فى شؤوننا الداخلية، والارتماء فى أحضان كل شياطين الشر الكارهة لمصر؟ هل من المنطق أو العقل أن نكافئ جماعة طوال عمرها الذى يدنو من القرن تمارس كل أنواع الجرائم والخسة والحقارة، وثبت كذبها وغشها وخداعها عبر كل العصور السياسية، بأن ندمجهم من جديد ونعيد لها الحياة؟ هل منطقى أن نكافئ المجرم على حساب الشريف؟ وهل نصرخ بأعلى صوت مرددين أنه فى مصر حاليا الأشرار ينتصرون ويسحقون الأخيار؟
مبادرة الحكومة بالمصالحة مع الإخوان الإرهابية، خيانة، وبحثت فى قواميس اللغة العربية المختلفة لاختيار وصف أقل حدة لأصف به المبادرة، فلم أجد أقل من وصف «الخيانة»، للشعب والشهداء الأبرياء، وخيانة لهيبة الدولة، وإعلاء شأن المجرمين والإرهابيين على حساب الشرفاء الوطنيين.
ونسأل المستشار مجدى العجاتى عن رأيه فيما طرحه المستشار سرى صيام، فى حواره لـ«اليوم السابع»، عندما أكد أن النص الذى ورد فى الدستور بخصوص العدالة الانتقالية، ما كان يجب أن يتضمنه الدستور، لأنه لا يوجد ما يقال عنه عدالة انتقالية، لأن العدالة تتأبى على أن تكون انتقالية، العدالة هى العدالة الدائمة المطلوبة.
وقال المستشار سرى صيام أيضا: «نحن حينما وقعت أحداث 25 يناير، بدأت المحاكمات والمحاسبات وما إليه، ولجأنا فى ذلك إلى الطرق العادية، وهذا أمر يُحمد لمصر أنها لجأت للقضاء العادى، وإلى النيابة العامة، وشكلت لجانا لتقصى الحقائق، وتم السير فى هذا الطريق، والمحاكم الآن نظرت العديد من قضايا الإرهاب والفساد، وما يدور فى فلكهما، وأصدرت أحكامًا، عُرض بعضها على محكمة النقض، ثم نُقضت، ثم أُعيدت المحاكمات فيها، وأنا لا أتصور بعد ما يقرب من 6 سنوات، أن أقول إن مصر فى مرحلة انتقالية، وإننى أحتاج إلى عدالة من نوع خاص لكى أعالج مشكلات المرحلة الانتقالية التى انقضت، كيف أقول إننا فى مرحلة انتقالية ونحن الآن لدينا دستور، ولدينا مجلس نواب، ولدينا رئيس منتخب، أى أن كل أركان الدولة الطبيعية والعادية تم استيفاؤها؟ وفجر المستشار سرى صيام مفاجأة، عندما أجزم بأن مجلس النواب ليس ملتزمًا بأن يصدر مثل هذا القانون، والنص عليه فى الدستور لا يعنى أن المجلس إذا لم يقر هذا القانون، فإن هناك نتائج معينة ستترتب على ذلك.
المستشار سرى صيام، وهو القيمة والقامة القانونية الكبيرة، يحذر مجلس النواب بأن يخوض معترك قانون العدالة الانتقالية، يرى أن نتائج إقرار قانون العدالة القانونية ستكون وبالا وتشكل خطورة وتثير المشاكل التى لا حصر لها، فما رأى الحكومة والبرلمان معا فى تقديم أيديهما للمصافحة والعفو عن جماعة تلوثت أيديها، ولم تترك جريمة واحدة إلا وارتكبتها بموجب أحكام قضائية، من القتل والتمثيل بالجثث والخطف والتفجير والحرق والخيانة العظمى، وغيرها من القضايا التى لا تعد ولا تحصى.
لو قررت الحكومة، ومن خلفها مجلس النواب، التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، فقل على دولة القانون، السلام، وعليها مواجهة الغضب الشعبى والسخط العارم من القرار.