لا تكفى النوايا الحسنة للوصول للنهايات السعيدة، هذا إن وجدت نهايات سعيدة من الأساس، لكننا على المستوى النفسى نتخيل مثل هذه النهايات ونسعى إلى تحقيقها، وللوصول إليها فإن فالأمر يحتاج لدرجة من الوعى ودرجة أكبر من الاتزان الواجب تحقيقه للعملية كى يتحقق المراد الذى نقصده، ومن أسوأ الأشياء التى تصيبنا أننا أحيانا نريد الإصلاح لكن الأشياء لا تأتى كما ينبغى، وذلك لوقوعنا فى فخ المبالغة كما حدث فى الهيئة العامة لقصور الثقافة بالفترة الأخيرة، حيث قامت بيوت الأدب التابعة للهيئة بتكريم عدد كبير من الكتاب والمبدعين الذين يقارب عددهم الـ500 كاتب.
تريد الهيئة أن تتواصل مع المبدعين فى كل مكان فى قرى مصر، وهذه نية طيبة وأمر يستحق المحاولة، لكنها قامت بجريمة، حيث كرمت الجميع العاطل والباطل كما يقولون، فوضعت الموهوب بجانب من أصابته حرفة الأدب لكونه «لديه وقت لا يعرف فيما يصرفه»، ويذكرنا ذلك بما كان يطلق عليه من قبل تكريمات تحت السلم على حد قول الصديق سامح فايز، حيث كانت بعض المؤسسات الوهمية ودور النشر العاطلة عن العمل تسعى للوجود بصناعة ما يسمى بالتكريمات الوهمية، حيث تجمع مئات الأسماء المعروفة وغير المعروفة وتكرمها مرة واحدة، فلا تعرف من الذى تم تكريمه وعلى أى شىء حدث ذلك، وأين الإسهامات التى قدمها ذلك المُكَرم المجهول.
بالطبع هناك من تم تكريمهم يستحقون أفضل من ذلك، بل إن التكريم تأخر عنهم كثيرا، فإبداعهم من حيث العدد والكيفية يجعل هذا التكريم حقا أصيلا لهم، ولا أريد ذكر أسماء لكن أعرف كاتبا يبدع فى الشعر والرواية وله أكثر من 18 كتابا كلها تستحق القراءة، لكن بالتأكيد هناك آخرون لم يصنعوا شيئا يستحق.
فنحن لسنا ضد التكريم لكن نطالب بالأساس الذى اعتمدته الهيئة فى فعل ذلك، كما أن عددا كبيرا من المثقفين يرون أن هذه التكريمات لم تكن دائما تخرج بالشكل اللائق، فبعض المبدعين ذهبوا لكنهم لم يجدوا أحدا وآخرون أخذوا الدروع دون أن يعرفهم أحد فى الموجودين، يعرِّف الواحد منهم نفسه ثم يأخذ درع التكريم ويرحل.
الأشياء التى تقوم على المبالغة كأنها لم تحدث، فتكريم هذا العدد الكبير بالطبع يقلل من أهميته، وكان على الهيئة أن تلتزم بعدد أقل، يتم إلقاء الضوء على الشخص وأعماله، ويا حبذا لو كان هناك مؤتمر وأمسية وقراءة فى إبداعه، كان ذلك سيصبح بالتأكيد أكثر أثرا وأكثر بهجة، وأكثر وعيا للجميع.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة