فى لفتة من لفتاته المدهشة وجدت صديقى الشاعر الكبير «إبراهيم داوود» قد نشر على صفحته على الفيس موالا عذبا رائعا لمطرب الفن الشعبى الراحل حفنى أحمد حسن، ودون إرادة منى وجدت نفسى مستمتعا متمايلا مع كلمات الموال، مرددا فى نهار رمضان «أنا نفسى أفرح زى الناس».
تقول كلمات الموال «زى الناس زى الناس زى الناس أنا نفسى أفرح زى الناس/ أنا بحب النبى ودينى.. بود اللى بيودينى.. يارب اكرمنى وادينى.. أنا نفسى افرح/ أنا أصلى للأسى حمال.. والهنا عمره ما كان بالمال.. دانا قلبى للنبى مال.. أنا نفسى أفرح يا ما نفسى أفرح زى الناس/ زيارته تشفى مرضى..
وتبلغنى مرادى.. اقبل دعايا المرة.. دى أنا نفسى أفرح زى الناس/ أنا ليه أبدل عسلى بخل.. وأنا مأصل أب وخال.. والأصيل عمره ما يبخل.. أنا نفسى أفرح زى الناس» فأين نجد الآن مثل هذه الكلمات المدهشة؟ وأين نجد تلك الحالة من الهيام بالموسيقى والكلمات والشجن الصوتى المبهر. سواء من المطرب أو الكورال الذى يرد عليه مرددا فى كل كوبليه «زى الناس أنا نفسى أفرح زى الناس»؟
تلك الحالة الفنية الممتزجة بالألم جديرة حقا بأن تكون «غناء شعبيا» بحق، ففيها يمتزج الشقاء الإنسانى، وفيها يتجلى الإيمان بالله، وفيها تتجلى عذوبة الشكوى، وفيها تتجلى أصالة المنبت، وفيها تتجلى روح الأرض وعميق الحكمة، وانسابية التجارب، وأهمية التعلق بالأمل، هى أغنيات إنسانية فى المقام الأول، تعكس ما يتمتع به الشعب من صفات، وما تقف أمامه من تحديات، وكيفية تغلبه على معوقاته وتحدياته.
ولا تختلف أغنيات «حفنى أحمد حسن» كثيرا فى أصالتها عن أغنيات بدرية السيد أو أبو دراع أو محمد طه أو عبده الإسكندرانى أو غيرهم من عظماء الأغانى الشعبية الذين تميزوا عن أقرانهم فى كل شىء، بداية من الموسيقى وحتى النسق التكوينى لكلمات المواويل والأغانى، دون أن يسمهم شيئا من «الرسمية» أو الشهرة العريضة، فقد عاش هؤلاء فى محيطهم الاجتماعى مستكفين بما يتيسر من شهرة كفلت لهم بعضا من الرزق، وقد أبدعوا وأنتجوا وصالوا وجالوا دون أية تأثيرات تجارية أو سياسية أو أو تسويقية، شهرتهم الضيقة صنعت لهم حصانة فنية راسخة، فلم يعملوا سوى للفن ولم ينتجوا إلا ما يشعرون به، كما يشعر به كل مستمع، وهذا هو بحق تعريف الأغانى الشعبية التى تنبع من وجدان البسطاء، وليس من أى منطقة أخرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة