أيا كان الأمر فى قضية تسريب امتحانات الثانوية العامة، فإن نشر الأسئلة على صفحات أو مواقع التواصل هى قمة جبل الجليد، وتحته تفاصيل تمتد أفقيا ورأسيا.
التسريب كاشف للأزمة وليس صانعا لها. واضح أن التسريب للإنترنت محاولة للتغطية على مافيا تجارة الأسئلة والإجابات، مثل مسؤول مطبعة أسئلة الثانوية المقبوض عليه، والمتهم بأنه منذ عامين يسرق الأسئلة ويبيعها. وهو خيط وليس الأصل. والتسريب على صفحات التواصل هو أيضا جزء، والدليل أنه منذ بدء الامتحانات تم القبض على مشتبه بهم من محافظات مختلفة، وإعلان أنه تم الإمساك بمن يسمى «شاومينج». ثم استمرت التسريبات، فيما يبدو أنه سخرية من الجهات المسؤولة التى تقف مكتوفة اليد أمام التسريب المتواصل يوميا.
كل هذا يشير إلى أن نشر التسريب على الإنترنت تغطية على عملية بيع مستمرة لأشخاص محددين، وهى أخطر ما يمكن التعرف عليه فى هذا الأمر. ومنطقى جدا فى ظل تعدد الأيادى التى تتداول الامتحانات أن يتم التسريب بأكثر من طريقة والتغطية على تجارة الامتحانات. ونحن أمام تنظيم وليس أفراد كل منهم فى طريق.
وحتى الخطابات والتبريرات الخطابية للمسربين محاولات للتغطية على عصابات الاتجار فى الامتحانات وليس التسريب حيث يدعى «شاومينج» وأمثاله أنهم يحاربون فساد التعليم، بينما يسلمون الامتحانات لبعض التلاميذ. أسماء المواقع «ثورة التعليم الفاسد» و«بالغش اتجمعنا» والتحقيقات مع مسؤول المطبعة تكشف أنه وزوجته ومساعديه ومعهم مدعو شاومينج كانوا يحصلون على كروت شحن، وأموال مباشرة وغير مباشرة. وكلها تعنى تجارة وعصابات لا ترى خطرا وهى تتاجر فى الأسئلة.
ولا يبتعد عن ذلك سعى بعض واضعى الامتحانات لوضع أسئلة تعجيزية بهدف تعقيد التلاميذ، والامتحانات لم تعد وسيلة للتعرف على مدى قدرة التلاميذ على التحصيل، لكنها هدف فى حد ذاته، التلاميذ يذاكرون وأولياء الأمور ينفقون من أجل الامتحانات وليس من أجل الفهم.
يمكن توقع استمرار عمليات التسريب طالما ظلت الامتحانات هى الهدف وليس وسيلة لاختبار التحصيل والفهم، وأيضا طالما استمر نظام الامتحانات العقيم. ومع كل الكلام عن تطوير التعليم يبقى نظام الامتحانات عموما والثانوية خصوصا شاهدا على عقم المنظومة.
ومن دون تغيير شجاع للمنظومة لا يمكن توقع تغيير كبير أو توقف للغش. ويمكن اعتبار التسريب نهاية لعصر التعليم العقيم. والتحقيقات ما لم تصل إلى أصل التسريب والبيع لا يمكن أن تقدم نتيجة أكثر من القبض على ذيول. والحل إنهاء نظام الامتحانات، ونظام امتحانات من دون تعليم، ودروس من غير دراسة. ومدارس بلا وجود.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل مقلد دمياط
تحيا كاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
على بك مظهر (مبالغ و باذخ فى حفلات الأفطار و السحور فى بلد يأن أغلب أهله من الفقر)
تسريب الأمتحانات جزء و غصن فى شجره الفساد التى يتميز بها معظم الجهاز الحكومى