أى عار الذى يلحق بهؤلاء الذين تصدروا المشهد كأوصياء وأدعياء الحرية والديمقراطية، طوال 5 سنوات كاملة، يبدلون مواقفهم ومزاعمهم بين ما يحدث فى مصر، وبين ما يحدث فى أمريكا وأوروبا، كتبديل ملابسهم الداخلية؟
على رأس هؤلاء كل من الدكتور عمرو حمزاوى، والإعلامى يسرى فودة، يصفون ما أسفرت عنه نتائج الاستفتاء الشعبى فى بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبى، بالتزييف الشعبى، بينما وصفوا ما حدث فى الانتخابات الرئاسية 2012 التى جاءت بالإخوان عن طريق الوعود بدخول الجنة والتهديد بالنار، والزيت والسكر، باعتبارها عملية ديمقراطية لم تشهد لها مصر والمنطقة مثيلا، وهو أمر يؤكد أن حمزاوى ويسرى فودة وعلاء الأسوانى وصباحى وكل الذين تصدروا المشهد عقب ثورة 25 يناير 2011، إنما يمارسون وصاية خاصة على الشعب والسلطة والمؤسسات، وقادوا أكبر عملية تزييف لوعى الشباب، لإقناعهم بنظريات وشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
عمرو حمزاوى خرج علينا خلال الساعات القليلة الماضية بسلسلة تويتات على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» يصف ما حدث فى بريطانيا وقرار الشعب بالانسحاب من الاتحاد الأوروبى «بالغوغائية»، الرجل لم يتورع ويتذكر أنه كان متيما ومولعا بالديمقراطية الغربية، والحرية الأمريكية، والتباكى على ما يحدث فى مصر، وقال نصا: «الغوغائية تنتصر فى كل مكان، ومشاعر الكراهية والتطرف فى صعود مستمر، وبريطانيا تخرج من الاتحاد الأوروبى باستفتاء شعبى بعد تزييف وعى ممنهج تورط فيه سياسيون وإعلاميون ومصالح مالية».
ويقول أيضا: «تفشل المحكمة الدستورية الأمريكية فى تمرير قرارات أوباما بشأن تمكين المهاجرين غير الشرعيين من تقنين وجودهم فى الولايات المتحدة، وسياسيو أقصى اليمين وأقصى اليسار يرحبون بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وبعلنون نهايته، ودونالد ترامب يشيد بقرار الدستورية الأمريكية». ثم يختم سلسلة تويتاته، على طريقة «الندابة» فى سرادق الجنازات المأساوية، قائلا: «عالم اليوم لم يعد لنا به من اختيار سوى بين ترامب وأمثاله وبين فلاديمير بوتين وأمثاله، أما مواضع العقل والحرية فمصيرها المزيد من الانحسار».
ولم يكن عمرو حمزاوى فقط الذى أقام حفلات المراثى، ولكن شاركه على نفس النهج الإعلامى يسرى فودة، الذى قال نصا على صفحته على «فيس بوك»: بعد استفتاء «الدهماء»، لازم برضو الواحد يفتكر القول المأثور: «ديموكراسى بط هِوِين؟» وقال «فودة» أيضا: «بس العالم العربى على كف عفريت، العالم كله شكله هيختلف، خصوصًا إذا وصل دونالد ترامب الأصلى فى أمريكا بعد أقل من 5 شهور».
حفلات المآسى والمراثى التى أقامها كل من عمرو حمزاوى ورفيق دربه يسرى فودة، ومن خلفهما دراويشهما والمترنمون والمسبحون بآرائهما، ليل نهار، على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وما يحققه دونالد ترامب من اكتساب أرضية قوية فى الساحة السياسة الأمريكية، إنما يمثل صدمة لهؤلاء الذين كانوا يبشرون بديانة الحرية والديمقراطية الغربية والأمريكية، للدرجة التى فقدوا فيها صوابهم وبدأوا فى شن حملة «معايرة» للبريطانيين والأمريكيين ووصفهم بالغوغائيين والدهماء والجهلة، والمغيبين عن الوعى.. سبحان الله، فى يوم وليلة أصبح الشعب البريطانى من «النموذج» فى التحضر والحرية والديمقراطية وإعلاء القيم الإنسانية، الذى يجب أن يتخذه الشعب المصرى قدوة ويسير على نفس دربه، ويقلده، إلى شعب غوغائى، مغيب الوعى، معظمه من الدهماء، الجهلة، الذى سيسدد تكلفة كبيرة لأنه اختار أن يخرج من «جنة» الاتحاد الأوروبى.
عمرو حمزاوى ويسرى فودة وصباحى والأسوانى وجورج إسحق وممدوح حمزة وكل اتحاد ملاك ثورة يناير، يشعرون بالمرارة، ولديهم إحباط لو تم توزيعه على العالم لكفى وحقق فائضا، لأن ما يحدث يوميا خاصة فى أوروبا وأمريكا، من تغيير دراماتيكى فى الأفكار، وإعلاء شأن المصالح الخاصة على كل ما دونه من العبارات الرشيقة والشعارات الوردية المتمحورة فى الحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية، وهى السلع التى تمثل قوام تجارة هؤلاء الذين كانوا يروجونها فى مصر ويبيعونها بأغلى الأثمان. عمرو حمزاوى ويسرى فودة وغيرهما يرون فى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى تزييفا للوعى، بينما ما يصنعه الإخوان من الترويج لتجارة الجنة والنار والزيت والسكر، عملية ديمقراطية سليمة «مية فى المية»، فكيف لنا أن نصدق هؤلاء «المتقعرين» والسائرين عكس اتجاه كل أدوات المنطق واهتمام الشعوب؟
دندراوى الهوارى
«عمرو حمزاوى».. «الندابة المزدوجة» فى سرادق ديمقراطية بريطانيا ومصر
الأحد، 26 يونيو 2016 12:00 م