متى يستقيل نقيب الصحفيين ومجلسه؟.. الأمر لا علاقة له بأزمة نقابة الصحفيين الأخيرة مع وزارة الداخلية، فمطالب رحيل مجلس النقابة الحالى سابقة لهذه الأزمة التى جاءت لتفيد المجلس وأطالت من عمره، رغم وجود حركة واسعة داخل الجماعة الصحفية كانت تطالب باستقالة النقيب يحيى قلاش ومجلسه لأنهم فشلوا فى تحقيق ما وعدوا الصحفيين به، بل إنهم أضافوا أزمات كثيرة أثرت على وضعية المهنة.
بكل تأكيد داخل المجلس أعضاء محترمون من بينهم الزملاء خالد ميرى وإبراهيم أبوكيلة وعلاء ثابت، لكن للأسف الشديد سيطر الصوت العالى على المجلس، ولم يجد المحترمون داخل المجلس من يدافع عن القيم التى يتبنوها، فوصلنا إلى حالة من الانقسام الشديد بدأت بانقسام الجماعة الصحفية، وانتهت إلى داخل المجلس نفسه الذى تسيطر عليه الشللية والصوت العالى، لدرجة أن أعضاء بالمجلس لا يعلمون شيئًا عن قرارات كانت تصدر عن المجلس، وخير مثال على ذلك قائمة الـ18 مطلبا التى أعلنت فى اجتماع 4 مايو، والتى من المفترض أنها كانت صادرة عن مجلس النقابة، لكن خرج 5 من أعضاء المجلس ليقولوا إنهم لم يطلعوا على هذه القرارات، وإنهم فوجئوا بها أثناء الإعلان عنها أمام الصحفيين.
الصوت العالى والشللية والمنطق الثورى هو الذى يسيطر على مجلس النقابة، ومن يحاول مخالفة الرأى فسيكون مصيره إما التلسين على وسائل التواصل الاجتماعى وإما التهديد بالشطب من عضوية النقابة، وكأنهم امتلكوا النقابة وحولوها إلى عزبة خاصة بهم، ولا سلطان عليهم إلا أنفسهم، مستغلين الإقبال الضعيف من جانب الصحفيين للمشاركة فى جمعياتهم العمومية، وهو ما منح أصحاب الصوت العالى فى المجلس ليقرروا ما يشاؤون دون أن يحاسبهم أحد، فالجمعية العمومية لم تكتمل وتمرير القرارات ظل الشعار الغالب.
المحصلة النهائية أننا أمام مجلس أضر بنا دون أن يحقق لنا شيئا سوى إهداره قيم الديمقراطية التى من المفترض أن يكون أول مدافع عنها، وأمامى مثال واضح يعلمه أعضاء المجلس جميعا والنقيب الذى لا حول له ولا قوة، والمثال خاص بالزميلة أمانى الأخرس التى تعرضت قبل عدة أشهر لهجمة شرسة من بعض «الثورجية» وبدعم من أعضاء بالمجلس واتهموها بالوشاية للأمن ضد مصور، ورغم أن تحقيقات النيابة لم تثبت أكاذيبهم لكنهم ظلوا فى غيهم، وأعلنوها صراحة أن أمانى لن تدخل نقابة الصحفيين إلا على جثثهم.
نعم هذا حدث بالفعل، تخيلوا أن مجلس نقابة الصحفيين الذى من المفترض أن يدافع عن الصحفيين حتى غير المقيدين فى جداول النقابة، يقف ضد صحفية شابة، والسبب أن ثورجية المجلس لا يرتاحون لها، ويكنون العداء والكره للمؤسسة التى تعمل بها وهى «اليوم السابع»، لأسباب لا نعلمها.. تخيلوا أن مجلس الدفاع عن الديمقراطية انقلب عليها وتحول إلى أشد عدو للديمقراطية، وكله تحت شعار «الثوار عايزين كده».
تخيلوا أن لجنة القيد فى نقابة الصحفيين توصى بقبول الزميلة أمانى الأخرس، لأنها تملك أرشيفا صحفيا يحتم على النقابة قبولها، وكذلك لتوافر كل الشروط بها، لكن يأتى مجلس النقابة وعلى رأسهم النقيب الذى من المفترض أنه ملم بكل تفاصيل المؤامرة التى تعرضت لها أمانى من جانب أعضاء بالمجلس، يأتى هذا المجلس ويرفض توصية لجنة القيد، بل إن عضوًا بالمجلس لا أريد أن أذكر اسمه لأنه لا يستحق ذلك، يقسم اليمين أمام الأعضاء بأنها لن تدخل النقابة إلا على جثته.. تخيلوا أن هذه هى لغة الحوار داخل مجلس نقابة الصحفيين.
قضية أمانى كاشفة للأزمة التى نعيشها مع هذا المجلس، فهى واحدة من مشاكل وأزمات كثيرة تحتم على هذا المجلس أن يحترم نفسه ويحترم تاريخ النقابة ويترك المسؤولية لآخرين تنتخبهم الجمعية العمومية ويكون لديهم القدرة على الفصل بين انتماءاتهم السياسية وبين عضوية مجلس النقابة، خاصة أن عددًا ليس بقليل من أعضاء المجلس يتعاملون معه على أنه حزب سياسى وليس نقابة مهنية مهمتها الدفاع عن مصالح الصحفيين وتقديم الخدمات لهم، لكن ما يحدث عكس ذلك تماما، فكل همهم خدمة التيارات السياسية المنتمين لها، والعمل على إدخال النقابة فى معاركهم السياسية مع الدولة، وهذا شىء خطير يتطلب وقفة جادة من الجماعة الصحفية، ليس من منطلق الدفاع عن الدولة، وإنما حماية النقابة من هذا المنزلق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة