أخطر ما تعلّمه هذه الوسائل هو الفوضى الأخلاقية والاجتماعية
هناك من لا يتفق مع ما جاء فى هذا البحث، ولكن علينا جميعا أن نتفق على أن الباحث جمال بامسعود حاول تقديم صورة مقربة لحال أولادنا الصغار ليس فقط المسلمين منهم، بل ومن يحمل أى ديانة أخرى، فليس المقصود هنا توجيه نصائح لفئة على حساب فئة، بل إنها شكوى عامة تعانى منها أكبر الدول تقدما فى العالم، ولهذا فإننا نواصل عرض جزء من بحثه الخاص بتأثير الوسائل الحديثة مثل الإنترنت والوسائل القديمة مثل التلفاز وغيرها من وسائل المشاهدة، مثل السينما على التربية الحديثة للأجيال المقبلة، حيث واصل الباحث جمال مسعود رصده للآثار التى تواجه الأجيال المقبلة، بسبب هذه التقنيات الحديثة التى أصبحت تستخدم ضمن حروب الجيل الرابع، فيقول الباحث إن هذه الوسائل تولّد آثارا خطيرة فى النفس من الصعب معالجتها بسبب مشاهدة المسلسلات والأفلام والإعلانات والقصص والمواقف التى لها إسقاطات ودلالات كثيرة، فعلى سبيل المثال قام طالب بمحاولة السطو على بنك فى مصر بعد مشاهدته لفيلم عربى، كما أن إدمان مشاهدتها بسبب الجذب الشديد لتلك الوسائل، فمنهم من يفقد الإحساس بنداء الصلاة، ومنهم من يفقد الإحساس بمن حوله فلا يشعر بنداء، ومنهم من يفقد الإحساس بالوقت حتى يضيع مسؤولياته وواجباته، بل قد تؤدى إلى الانتحار عندما يمنعون منها كقصة الفتاة المصرية التى انتحرت بسبب منع والديها لها لإدمانها الإنترنت.
ويرصد الباحث آثار المضمون الذى يُقدم من خلال هذه الوسائل: لا يخفى أن هذه الوسائل وما يتطور عنها وظفها الغرب، كما وظفها كثير من الفاسدين فى مجتمعاتنا، لتحقيق مآربهم الخبيثة فى التغريب، للسيطرة على الأجيال المقبلة وتذويب هويتها، وحققوا فى ذلك تقدمًا عظيمًا، ومما زاد الطين بلةً غياب أو ضعف الرقابة الفعالة، سواء على مستوى الهيئات الرسمية أو على مستوى الآباء والأمهات فى الأسرة، والإهمال فى تحمل المسؤولية الدينية والتربوية والثقافية، فأصبحت الكلمة الأولى والأخيرة فى التربية لمن يسيطر على توجيه تلك الوسائل، ويضع لها المضمون الذى يُبث من خلالها، وتُركت تلك الوسائل المعاصرة وحدها لكى تشكل العقول، وتغرس العادات والتقاليد، وتؤصل الثقافات، وتصوغ المفهومات التربوية والاجتماعية بحسب رغبة مالكيها والقائمين عليها وتوجهاتهم الفكرية.
ونتاج التربية الواقعة تحت سيطرة هذه الوسائل المسخرة لتغريب مجتمعاتنا المسلمة لن يكون إلا الفساد والانحلال والفوضى الأخلاقية والاجتماعية، وهذه بعض نماذج تمثل هذا النتاج: «نموذج ستار أكاديمى وسوبر ستار ومباشرة على الهواء»: إذ تُفاجأ بمقدار المتابعات الكبيرة لهذا النوع من البرامج الفاسدة الذى يثبتها ويدل عليها الكم الهائل من المكالمات التى يجريها الجمهور لترشيح نجمتهم أو نجمهم المفضل فى تلك.
«نموذج الولع بأرقام المحمول المميزة»: إذ تقام فى بعض دول الخليج مزادات يتنافس فيها الأثرياء لشراء أرقام هواتف جوال مميزة، وعلى سبيل المثال فقد تم بيع رقم خط لهاتف جوال فى مزاد علنى تم تنظيمه فى الدوحة بمبلغ عشرة ملايين ريال قطرى بما يعادل 2.754 مليون دولار، بعد مزايدة حامية عليه بين 8 من الأثرياء.
«نموذج الإقبال على المواقع المنحرفة»: فى دراسة للدكتور عبدالعزيز كابلى، من كلية المعلمين بالمدينة، ذكر أن %50 من استخدام الشباب للمقاهى العنكبوتية هو من أجل أمور منافية للأخلاق والقيم. فكيف ستتخيل شباب الأمة فى المستقبل وهم قد ترعرعوا على إسفاف التلفاز، وفضائح الدش، وإباحيات الإنترنت، وأنغام «السيديهات» والكاسيت، وغراميات المحمول! وهناك آثار اجتماعية أخرى: غلبة الطابع المادى على تفكير الأبناء، فمطالبهم المادية لا تنتهى ولا يجد فيهم الآباء تلك الحالة من الرضا التى كانت لدى الآباء أنفسهم وهم فى هذه المراحل العمرية، فالمتطلبات المادية مع كثرتها فى أيديهم لا تسعدهم، بل عيونهم على ما ليس لديهم، فإذا أدركوه تطلعوا إلى غيره وهكذا!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة