دندراوى الهوارى

امتحانات الثانوية العامة فجرت بركان الفساد وأظهرت ضعف المؤسسات

الثلاثاء، 28 يونيو 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نحتاج لثورة تطهير كبرى وسريعة فى كل المؤسسات.. ماذا وإلا فسيكون الأمر كارثيا لا تحمد عقباه



المسربون لامتحانات الثانوية العامة، أقوى من الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها المعنية، والحكومة التى تفشل فى مواجهة تسريب الامتحانات، إنما تؤكد عجزها إلى حد الشلل عن السير فى طريق المواجهة وتطهير وباء الفساد المنتشر فى البر والبحر، وأصبح موازيا للأكسجين يتنفسه المصريون يوميا.

المعاناة التى تتكبدها الأسر المصرية فى جميع أنحاء المعمورة بسبب امتحانات الثانوية العامة، ماديا ومعنويا وتوترا، أكبر من قدرات العقل على التصديق، وأعلى من سقف خيال المعنيين فى هذا الوطن، ويضرب فى صميم ثقة الغالبية الشعبية الكاسحة فى أداء الحكومة، والمؤسسات المختلفة، وعدم قدرتها على إدارة الأمور بقوة.

ونضرب أمثلة على حالة الغليان الشديدة التى تنتاب صدور الناس، ومن واقع تجربة عملية، رصدت وبشكل عشوائى، وغير مرتب، ما يدور على ألسنة الناس فى مختلف الأماكن، فذهبت للحلاق، ووسط زحمة الزبائن من كل الفئات، وجدت الجميع يطرح سؤالا واحدا مغلفا بالألم والمرارة والحيرة، هو فيه إيه وماذا يحدث فى مصر؟

ثم ذهبت إلى أحد أسواق الفاكهة والخضار بحى راق، وهالنى أيضا أن نفس السؤال يتردد على الألسنة، مع مزيج من حالة البؤس المسيطرة وحالة الدهشة غير المفهومة على الوجوه، من الأسعار وارتفاعها غير المبرر، للدرجة أن كيلو الليمون يصل سعره إلى 40 جنيها.

جلست على «مقاهى» فى منطقتين شعبيتين، ولم أجد أى اختلاف فى أى شىء مما ذكرت، نفس الوجوه الحبلى بالدهشة والوجوم والشحوب، والعيون الزائغة، والأسئلة الموجعة عن أسباب ما يعانونه من ارتفاع شديد فى الأسعار، وعذاب الدراسة والامتحانات فى كل أنواع التعليم من الابتدائى حتى الجامعة، وتحول التعليم إلى حالة نزيف مرضى خطير، طال «الصحة، والجيوب، والراحة»، وتحولت العملية التعليمية إلى تنكيل وتأديب للأسر المصرية.

ثم قابلت أهالينا فى الصعيد الجوانى، هالنى حجم الهم والوجوه الشاحبة، والرعب من الغد، ووجدت نفس السؤال يدور على الألسنة، على الرغم من أن هؤلاء يشيدون بمنظومة الخبز، وبرنامج «تكافل وكرامة»، لكن ما يحدث من ارتفاع أسعار فى كل شىء، بجانب معضلة الثانوية العامة، والفساد المستشرى فى الهيئات والإدارات الحكومية المختلفة وفى القلب منها «المحليات»، يدفعهم إلى ترديد نفس السؤال، هو فيه إيه وماذا يحدث؟

الجميع يشتكى، والجميع يعتصره الألم والحزن والكآبة، وكأن هناك تنظيم، عماده مؤسسات وأجهزة رسمية، ومعارضة ونشطاء، مهامه نثر البؤس وزرع اليأس والإحباط بين العباد، وتعذيب الناس فى المدارس والجامعات والوزارات والهيئات، وفى الأسواق، وعلى شاشات القنوات الفضائية المختلفة، وفى الملاعب، أى أنه تسلل لكل مناحى الحياة، أنا أيضا أسأل، هو فيه إيه، ولماذا كل هذا الارتباك الشديد فى كل شىء؟ ولا يوجد أى ضبط أو ربط، والأمور تسير بشكل الـ«يخنى.. سمك لبن تمر هندى»، وأن ما حدث فى امتحانات الثانوية العامة من تسريبات، كشف عن الارتباك الشديد، والفشل العظيم الذى سطرته كل الأجهزة الحكومية المختلفة، ما أدى إلى خروج المئات من طلاب الثانوية فى مظاهرات حاشدة سواء أمام مقر وزارة التربية والتعليم أو فى الإسكندرية والسويس اعتراضا على تأجيل الامتحانات.

القضية ليست فى تسريب الامتحانات، ولكن القضية أكبر وأعمق وتصدر قلقا شديدا يكشف أن مؤسسات الدولة مخترقة، ومهترئة، ليس من جانب عناصر تنتمى لجماعات متطرفة، أو حركات فوضوية، ولكنه كاشف لصراع بين مسؤولين بعضهم البعض، وبين مؤسسات بعضها البعض، وهى أمور تخرج من دائرة القلق إلى دائرة الخطر الشديد والداهم، حتى وإن أنكرتها الحكومة، فى رفض للواقع.

امتحانات الثانوية العامة هذا العام، كشفت ترهل المؤسسات، وأحرجت الحكومة، أيما إحراج، ومثلت تعذيبا وحزنا وألما لكل الأسر المصرية من السلوم شمالا إلى حلايب وشلاتين جنوبا، وسيناء شرقا، إلى الوادى الجديد غربا، ودفعت المئات من الطلاب للتظاهر، وأعادت هتاف «الشعب يريد إسقاط الوزير».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة