يوسف أيوب

هل يزول الاتحاد الأوروبى وتنتهى الإمبراطورية البريطانية؟

الثلاثاء، 28 يونيو 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يزول الاتحاد الأوروبى وتنتهى الإمبراطورية البريطانية؟.. بعد ظهور نتيجة الاستفتاء البريطانى حول الاتحاد الأوروبى التى انتهت إلى أغلبية أيدت خروج بريطانيا من الاتحاد، ظهر على السطح سؤالان، الأول حول مستقبل الاتحاد الأوروبى، والثانى حول مستقبل بريطانيا نفسها، خاصة أن الاستفتاء الأخير فتح شهية الكثيرين للدعوة لإجراء استفتاءات أخرى سواء للانفصال عن بريطانيا، أو للخروج من الاتحاد الأوروبى .

فيما يتعلق بالسؤال الأول، فهناك بالفعل حالة من القلق تنتاب الأوربيين حول مستقبل اتحادهم، بعد الانسحاب البريطانى الذى يعد ضربة قوية للبناء الذى تأسس قبل ستين عاماً، فخروج بريطانيا هو «يوم حزين» كما قالت المستشارة الإلمانية إنجيلا ميركل، و«يضع أوروبا فى مواجهة اختبار خطير» مثلما قال الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند، وكلها ردود لأفعال تشير للقلق الذى يسيطر على قادة أوروبا، حتى وإن كانت هناك تحليلات تذهب إلى أن دولة مثل ألمانيا أكثر المستفيدين من الخروج البريطانى، لأنها ستفرض سيطرتها على الإتحاد الأوربى، بفضل قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، بعد التخلص من بريطانيا، لكن الأمر أكبر من ذلك، فنحن نتحدث عن مستقبل أقوى اتحاد فى العالم، الذى كان يعد مثالاً للدول التى ترغب فى التحالف فيما بينها، لكنه اليوم أصيب هذا الاتحاد بمرض شديد يحتاج لطبيب ماهر.

ورغم أن عملية خروج بريطانيا قد تستمر عامين تستغرق فى التفاوض مع الاتحاد الأوروبى حول شروط الخروج، وفى هذه الأثناء تبقى لندن ملتزمة بالاتفاقات المبرمة، لكن الجميع بدأ من الآن النظر للمستقبل، وهنا يجب التركيز على ما قاله رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك لصحيفة «بليد» الألمانية هذا الأسبوع «أخشى أن يكون خروج بريطانيا مؤشرا ليس فقط على بداية انهيار الاتحاد الأوروبى وإنما الحضارة الغربية»، معتبراً أن خروج بريطانيا سيشجع كل «القوى المتطرفة المناهضة للاتحاد الأوروبى لكن أيضا الأعداء الخارجيين الذين سيرحبون بذلك»، فما قاله توسك يمكن اعتباره الخريطة التى سيسير عليها الأوروبيين مستقبلاً لتجنب أى إخفاقات أو ضربات جديدة، فلم يعد أمام الأوروبيين سوى مراجعة مواقفهم والتركيز على القضايا الأساسية التى تمثل تهديداً لمستقبلهم، مثل الأمن والاستثمار والانسجام المالى والاجتماعى، أو بمعنى أصح العمل على «تحديث البيت الأوروبى»، كما قال رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزى، البيت الذى على شفا التصدع والانهيار.


ورغم أن هناك يقينا لدى الأوروبيين الآن بأن اتحادهم سيبقى ولن يزول لكن هناك مخاوف مشروعة أن يحدث قرار البريطانيين حالة من العدوى فى أوروبا مع تنامى الحركات الشعبوية واتفاقها على توجيه الانتقادات لبروكسل والمؤسسات الأوروبية، وتزامنت هذه المخاوف مع دعوة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسى مارين لوبن إلى استفتاء فى فرنسا، ومطالبة النائب الهولندى عن اليمين المتطرف خيرت فيلدرز بالأمر نفسه لهولندا.

فكل هذه الأمور تشير إلى التحديات التى تنتظر الأوروبيين مستقبلاً، فالأمر لم يعد مقتصراً على الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وإنما فى الداخل الأوربى أيضاً.

أما السؤال الثانى الخاص بمستقبل بريطانيا نفسها، فهو أمر مهم ويحتاج لنقاش ودراسة موسعة، خاصة أن مستقبل بريطانيا نفسها أصبح على المحك، فالخروج من الاتحاد الأوروبى لم تقتصر آثاره على الوضع الاقتصادى لبريطانيا، وإنما يؤثر على وحدتها، خاصة بعدما أعلنت رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجون زعيمة الحزب القومى أن خطة تنظيم استفتاء ثان للاستقلال باتت «على الطاولة»، كما أن حزب «شين فين» فى أيرلندا الشمالية، والمؤيد للبقاء فى الاتحاد الأوروبى، دعا هو الآخر إلى الاستفتاء على توحيد أيرلندا، كما اعتبرت مدريد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى يتيح لإسبانيا استعادة جبل طارق.

ويزيد من صعوبة الموقف تلك التعقيدات التى تسيطر الآن على الداخل البريطانى، فنحن أمام جبهة قوية استطاعت أن تجذب البريطانيين إلى أن يقولوا نعم للخروج من الاتحاد الأوروبى على عكس رغبة الحكومة البريطانية التى اضطر رئيس وزرائها ديفيد كاميرون للإعلان عن أستقالته، دون أن نعلم من سيخلفه فى أكتوبر المقبل حينما يجتمع حزب المحافظين لاختيار خليفة كاميرون، لكن أيا كان الخليفة فإن سيطرة التيار «الترامبى» نسبة إلى المرشح للرئاسة الإمريكية دونالد ترامب، يعد جرس إنذار ليس لبريطانيا وحدها وإنما للغرب بأكمله، الذى عليه أن يبدأ من الآن فى دراسة ما جرى فى بريطانيا لحماية الدولة الكبرى فى القارة الأوروبية، وكذلك لحماية الغرب نفسه من التطرف السياسى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة