دندراوى الهوارى

اللطم والصراخ فى سرادق يتامى «ليليان داود» بقيادة البرادعى

الأربعاء، 29 يونيو 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسائل الإعلام الغربية والأمريكية اهتمت بترحيل ليليان عن مصر ووصفتها بالناشطة السياسية
بداية، أنا مختلف كليا وجزئيا مع سياسة ورأى وطرح الإعلامية لبنانية الأصل، إنجليزية الجنسية، ليليان دَاوُدَ، واختلافى سجلته هنا فى أكثر من مقال، ولكن لا يمكن أن أسمح لنفسى بأن تشمت فى رحيلها، سواء من عملها، أو من مصر، وهو مبدأ أخلاقى، لا يمكن أن أحيد عنه تحت أى ظرف من الظروف.
لكن هالنى ردود الأفعال المواكبة لرحيلها، ما بين فريقين، الأول بقيادة البرادعى وحمدين صباحى وخالد على ويسرى فودة وباسم يوسف ووائل غنيم وجمال عيد، وبائع التويتات المتجول المشتاق لمنصب الوزير، حيث أقاموا حفلات «المراثى والندب واللطم على الخدود»، وتجاوزوا بغضبهم ليصل إلى حد توجيه إهانة بالغة السوء للرئيس السيسى، دون أن يمنحوا أنفسهم وقتا من التفكير واحتكام العقل، والتأكد من صاحب قرار إبعاد ليليان دَاوُدَ، وقانونية القرار، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك مؤسسات تجتهد ذاتيا فى اتخاذ قرارات، بحكم عملها، قد تغضب الرئاسة وتورطها وتقحمها فى جملة غير مفيدة.

أما الفريق الثانى، فهو الفريق الغاضب الذى أظهر تشفيا مبالغا فيه، لانتهاء عقد ليليان دَاوُدَ، وقرار ترحيلها خارج البلاد، وفرحة وتشفى هذا الفريق قناعة منه بأنها تمرست فى خندق النشطاء والمعارضة الشديدة للدولة، واتخذت من المؤسسات وفى القلب منها المؤسسة العسكرية، عداوة مبالغ فيها، وما كان يجب عليها وهى الأجنبية والغريبة عن بلادنا، أن تتمترس بهذا الشكل فى خندق ألد أعداء الدولة المصرية.

الحقيقة، أنا ضد الفريقين تماما، لكن الفريق الأول تعامل مع ليليان دَاوُدَ باعتبارها من «الاتباع» الذين تستوجب مساندتها، ظالمة قبل أن تكون مظلومة، وهو الفريق الذى كان سببا رئيسيا فى انصراف الإجماع الشعبى عن ثورة 25 يناير، والكفر بكل شعاراتها، وما استتبعها من أحداث صدرت الإحباط والكآبة والخوف والرعب فى قلوب الملايين البسطاء، عندما كانوا يشاهدون عبر برامج ليليان ويسرى فودة وباقى الفريق، مشاهد تخضب المولوتوف بالدم فى أحداث محمد محمود الأًولى والثانية، وأحداث مجلس الوزراء، واحتراق المجمع العلمى، وتكسير فندق سميراميس، ومحاولة اقتحام وزارة الدفاع، والدعوات المتكررة للمليونيات، وترديد هتاف العار يسقط يسقط حكم العسكر، والانفلات الأمنى والأخلاقى، وتحول الشارع إلى مرتع للبلطجية والخارجين عن القانون، وزادت جرائم السطو المسلح، والاختطاف، وسرقة السيارات، وأصبح السير على الطريق الدائرى بعد العاشرة مساء، ضربا من الجنون.

البرادعى وصباحى وخالد على ويسرى فودة ووائل غنيم وباسم يوسف ونشطاء السبوبة، هاجموا الدولة بضراوة، احتجاجا على ترحيل ليليان دَاوُدَ إلى خارج البلاد، وأجمعوا على أنها ستعود قريبا بعد إسقاط النظام الحالى، وهى مقايضة ومعادلة كارثية، يتم فيها مناصرة الأجنبى بكل قوة، على حساب الوطنى، تأسيسا على الخلاف السياسى، والمصالح الشخصية، ومآرب الهوى.

وهنا أوجه لهم سؤالا، هل لو تم استبعاد الإعلامى أحمد موسى وإيقاف برنامجه، كنا رأينا كل هذا الحشد القبائلى من البرادعى وصباحى ووائل غنيم ويسرى فودة احتجاجا واعتراضا على إيقاف منبر إعلامى؟ بالطبع لا، كنا رأينا العكس تماما، حالة من الفرحة والتشفى فى أحمد موسى، واعتبار ما يقدمه لا يليق بالإعلام، لمجرد أنه يساند الدولة الوطنية ومؤسساتها، فى حين يَرَوْن فيما تقدمه ليليان داود، إعلاما نظيفا وعظيما، لمجرد أنها تهاجم الدولة وتتخذ من مؤسساتها، القوات المسلحة والشرطة والقضاء، عدوا، وهو شىء مقيت وسمج ومقزز، مع الوضع فى الاعتبار أن ليليان داود، مواطنة أجنبية، وأحمد موسى، مواطن مصرى، ومع ذلك فإن هؤلاء يساندون ويدعمون الأجنبى المؤيد والداعم لأفكارهم، على حساب المصرى، المعارض لهم، وهى نفس نظرية جماعة الإخوان الإرهابية التى تقول: المواطن الباكستانى المسلم أفضل من المواطن المصرى المسيحى، فكيف يتحدث هؤلاء عن الوطن والمواطنة والدفاع عن مقدراته؟

وهل مقياس الأداء المهنى، جوهره، مع أو ضد الدولة؟ فتصبح رائعا وقيمة وقامة لو عارضت الدولة طوال الوقت وفتحت نيران رصاصك فى قلب المؤسسات، وتصبح «مطبلاتى» ورخيصا وعبيد البيادة، لو ساندت ودعمت الدولة ومؤسساتها؟ فأين الديمقراطية والحريّة التى صدعونا بها ليلا ونهارا، وهل يجب على الجميع أن ينصاع وراء أفكار البرادعى وصباحى وغنيم والأسوانى ويسرى فودة وخالد على ليحصل على صك الوطنية والثائر العظيم؟ خاصة أن التجربة على الأرض كشفت كذب وزيف كل ما كانوا يروجون له من أفكار وتجارة شعارات وكلام، ليس فى مصر فحسب، ولكن فى محيطنا الإقليمى، وفى قلب أوروبا وأمريكا، كما أن أفكار وشعارات هؤلاء، مكنت جماعات متطرفة من البلاد، ويسدد غالبية الشعب المصرى فاتورة هذا التمكين، غاليا، من دماء أبنائه، وأمنه واستقراره.

المثير للدهشة أن وسائل الإعلام الغربية والأمريكية الصادرة أمس، اهتمت بشكل لافت بقضية ترحيل ليليان داود عن مصر، ووصفتها بالناشطة السياسية، وليست الإعلامية، وهو الخلط الشديد الذى كنا نحذر منه، وأن التعاطف مع فصيل ضد آخر، واستعداء مؤسسات الدولة، أمر لا يستقيم مع المهنية فى شىء، لكن لا غرابة أن تجد نفس الوجوه لا يدافعون إلا عن باطل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة