30 يونيو هى التى أوقفت نذر الحرب الأهلية، وكل ما فعله الإخوان بمصر «كوم» وجريمتهم الكبرى لإشعال الفتن الدينية فى مصر «كوم»، ولا أنسى أبدا الزيارات المشؤمة لـ«الهريفى» و «القرضاوى» قبل انتفاضة المصريين الكبرى بأيام، ووقوفهما على منبر الأزهر، للتحريض على الجهاد فى سوريا، مستخدمين خطابا دينيا مخادعا، يحض على الصراع والفتنة والموت والقتل، ثم غادرنا الأول إلى لندن لقضاء الصيف، لأنه لا يطيق حر السعودية ولا مكيفاتها، والثانى إلى قطر لاستكمال فتنته الشيطانية، وانتقلت شرارة التحريض إلى الصالة المغطاة باستاد القاهرة فى مليونية «دعم سوريا»، حين استحضر المعزول أهله وعشيرته، مشعلا نار الحروب والصراعات والجهاد، واستعداء المصرى المسلم على قتل السورى المسلم.
واستجابت بعض العقول المغيبة لدعاوى مشايخ الفتنة المصريين، بالذهاب إلى بيت الشيعى حسن شحاتة فى أبوالنمرس، وخُيل لهم أنه قرين بشار الأسد الذى يقتل السوريين ويُمثل بجثثهم، فانقضوا عليهم كوحوش الغابة الجائعة المفترسة، والشوم تهوى على رؤوس المقتولين كالمطر، لا تأخذهم بهم شفقة ولا رحمة وسط صيحات التهليل والتكبير، وفلاشات الكاميرات والموبايلات التى تسجل تلك اللحظات التاريخية، وذلك النصر المبين.. لا أيها السادة، ليست هذه مصر، ولا هؤلاء هم المصريون.
كتبت فى «اليوم السابع» فى مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات، مؤكدا أن سقوط الإخوان سيكون حتميا، لأنهم لم يفهموا «سر مصر»، وهو التعايش السلمى الهادئ بين مكونات شعبها، وسعوا إلى الصراع وليس التنافس، دون أن يدركوا أن هذا البلد الذى يعيش فيه 90 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم فى الحكم، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه، مصر ليس فيها صراع مذهبى، وإذا سألت مسلما «أنت سنى أم شيعى»، إما يصمت أو ينهرك، وكما يقول الشيخ الشعراوى «هى من علمت الإسلام إلى الدنيا كلها وصدرته حتى إلى البلد التى نزل فيها الإسلام، هى التى صدرت لعلماء الدنيا علم الإسلام»، والمصريون يعشقون آل البيت، وتتميز ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء، وليس العنف والقسوة والدماء، وفيها الأزهر الشريف منارة الوسطية والإسلام الصحيح.
وحسم المصريون -أيضا - منذ زمن قضية الوحدة الوطنية، وارتضوا أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط على قاعدة المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وكان المسمار النافذ فى نعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفى والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم فى افتعال معارك تشق وحدة الصف، وفوجئوا بأن مسلمى مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط فى وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، والتحم عنصرا الأمة ضد العدو المشترك، جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها.
لم يفهم الإخوان «سر مصر» فى قبولها الآخر، من علمانيين وناصريين وشيوعيين ويساريين وتيارات سياسية مثل ألوان الطيف، ومارسوا سياسة الإقصاء والإبعاد والتصنيف والتفرقة، وكانوا متعجلين جدا لالتهام كعكة السلطة بأقصى سرعة، فانحشرت فى ذورهم وكتمت أنفاسهم، ووحدت ضدهم كل فصائل المجتمع، فمصر أكبر من أن تحتلها جماعة وأقوى من يقهرها تنظيم، وظهرت فى وقت الشدة مجموعة الدروع الواقية، التى تحمى مصر دائما فى أوقات الشدة والأزمات، لم يفهم الإخوان لماذا حقق رصيد كراهية المصريين لهم رقما قياسيا، رغم أن حكمهم لم يستمر أكثر من عام، ولا لماذا خرج المصريون بالملايين فى 30 يونيو، وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم حتى يستردوا بلدهم.
30 يونيو باقية ورصيدها حى فى القلوب، فقد أعادت الابتسامة للوجوه الحزينة والقلوب الخائفة، وبدأت الدولة تسترد هيبتها وقوتها واحترامها، بينما ظلت الجماعة الإرهابية محشورة فى مقبرة الخيانة والعمالة والتفريط، ومعها بعض القوى الانتهازية ونشطاء التجسس والدولار، وفلاسفة التحاليل السوداء الذين اختفوا من الساحة، تصحبهم لعنات الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة