عامان على حكم السيسى، وثلاثة على خلع إخوان صهيون من حكم مصر، وهنا لابد من عدة أسئلة هل وعينا الدرس؟ وهل فعلا اجتثت جذور الإخوان من التربة المصرية؟ الإجابة مؤسفة ومحزنة ومحبطة، لأنه بعد كل الدم الذى أساله الإرهابيون على أرض مصر وبعد كل الخراب الذين صنعوه والشر الذين لا يزالون يخططون له والمؤامرات التى يحيكونها جهارا نهارا ضد مصر وشعبها، للأسف مازالت الدولة غائبة ولم تع الدرس، الرئيس - كان الله فى عونه - مشغول بالهم الاقتصادى وبمحاربة الإٍرهاب فى سيناء بينما الحكومة مثل كل حكومة تتعامل مع قضية الجماعة الإرهابية بنفس الطريقة الأمنية النمطية والنخبة والأزهر والتعليم والثقافة جميعهم يتعاملون كأن شيئا لم يكن، وكأننا نعيش ظروفا عادية جدا ولم يحدث ما حدث والجميع يده فى الماء المثلج وعقله فى الفريزر، والجميع وهو أكبر علامات الفشل ترك مهمة محاربة إرهاب الإخوان وذيولهم فقط للمؤسسة الأمنية، هل فيما أقول تجنى أو «أفورة»، بالعكس، ولإثبات أننا دولة فى غيبوبة وحكومة فى متاهة ومؤسسات فى نعيم البلادة والتخبط أنقل لكم ما ذكره الكاتب والباحث الأمريكى روبرت دريفوس فى كتابه «لعبة الشيطان دور الولايات المتحدة الأمريكية فى نشأة التطرّف الإسلامى»، الذى ترجمه أشرف رفيق وراجعه الزميل مصطفى عبد الرازق يقول إن واشنطن احتضنت الإخوان وهى جماعة إرهابية، هذا وصف الكاتب، منذ الخمسينيات لضرب عبدالناصر أثناء الحرب الباردة، واحتضنت الملالى فى إيران لضرب المشروع القومى الإيرانى وعزل الشاه، وأنفقت مليارات الدولارات على الإخوان والتنظيمات المتفرعة منها لحرب السوفيت فى أفغانستان ودعم خط ماجينو «وهو حزام الدول جنوب الاتحادالسوفيتى» بالتجمعات الإسلامية بقيادة اليمين المتطرف، وأقسى هذا اليمين كانت جماعة الإخوان، وظل هذا الدعم من واشنطن للإخوان حتى انتهاءالحرب الباردة 1991 وبانتهاء هذه الحرب دعمت واشنطن موقف إسرائيل والأردن فى احتواء ورعاية الإخوان الإرهابيين سرا فقد استخدمت إسرائيل الإخوان لإشعال الحرب الأهلية فى سوريا وساعدت الإخوان فى فلسطين ونشأت حماس تحت رعاية تل أبيب سرا، وكل ذلك كان تحت رعاية المحافظين الأمريكان، وبالتحديد بيل كرسى رجل المخابرات الأمريكية الذى عقد الصفقات السرية مع قيادات الإخوان وهو نفسه صاحب الصفقة السرية مع آية الله خومينى.
ويضيف صاحب كتاب لعبة الشيطان أن واشنطن لم تفاجأ بحادث سبتمبر، بل إن هناك اتجاهات داخل المخابرات الأمريكية حذرت من القوة المفرطة للأصولية الإسلامية التى غذتها أمريكا نفسها، وهو ما جعل بوش الأب يحول القضية إلى صراع أديان ويقول وهو يضرب العراق أنها حرب مقدسة من أجل الرب، وفى عهد بوش الابن تبنى نظرية قديمة جديدة وهى إعادة توظيف جماعة الإخوان، كأداة من أدوات الإمبراطورية الأمريكية، وتحريك ودعم الإخوان لصالح المشروع الصهيو أمريكى وهو ما حدث فى صفقة ثورات الربيع العربى.
الآن وبعد فشل حكم الإخوان فى مصر هل اعترفت واشنطن بفشل مخططها وهل تخلت عن الإخوان؟ يجيب عن السؤال الباحث مارك تينت يقول «مصر كما كانت صانعة حضارة فى الماضى هى الآن مؤهلة لإنقاذ العالم من جماعة الإخوان الإرهابية، وقد استمعت للسيسى وأعرف أن لديه العزم والحماس لكن الواقع العالمى وفى المنطقة يقول إن مصر حتى الآن غير قادرة على قطع دابر الإخوان، لأن واشنطن وإسرائيل وإيران وتركيا تستفيد من وجود الإخوان لتنفيذ مخططاتهم القديمة المستمرة التى لن تكف فى المنطقة ومادام الإخوان بهذه القوة فى العالم فلن يتركوا مصر تتقدم خطوة للأمام»، هذا كلام باحث مهم هل قرأ كلامه السادة المسؤولون؟ وهل قرأته الحكومة؟ نحن كما قلت اكتفينا بالحل الأمنى ونمنا وشخرنا والنار من تحتنا وحولنا ووفوقنا، نار الإخوان تحت الرماد وأفكارهم تحت كل طوبة فى كل مؤسسة فى مصر، وغريزة الانتقام وشعور الحقد والكراهية ينمو فى صدور صغارهم وشبابهم، إنه فكر الإرهاب والتكفير الذى يحميه ويرعاه السلفيون أيضا، ومن العجب أن نسمع الوزير العجاتى يطالب بالمصالحة والأخ عراب الخراب سعد إبراهيم يقول المصالحة قريبة، وكأنه يزف لنا بشرى، الموضوع جد خطير وكما يقول تينت «فرصة مصر للقضاء على التنظيم الإرهابى بعد أكثر من ثمانين سنة فرصة ذهبية وربما لن تتكرر»، وإذا تركنا الجماعة تتمدد فى الخارج وتتسلل فى الداخل والبعض ينادى بالمصالحة معها فسنكون مثل من يلدغ من ذات الجحر عدة مرات، فهل نعى الدرس يا أهل 30 يونيو الحرب المقدسة التى أنقذت مصر من الجولة الأولى، وماذا أنتم فاعلون فى بقية المعركة؟ المعركة لم تنته بعد.