الإرادة السياسية هى الحل الوحيد للقضاء على الفاسدين
السنوات المقبلة، يجب أن تشهد مزيدا من الحرب على الفساد، خاصة فى مكاتب المحليات ومنافذ خدمة الجمهور، فهى مملوءة بكل ماهو فاسد، وأكثر من مرة كتبت فى هذا المكان، محذرا من توغل حجم الفساد، وقلت إن سقوط بعض موظفى المحليات فى قبضة الأجهزة الأمنية مؤخرًا، بتهم الفساد، والتى تنوعت ما بين رشاوى مالية أو تزوير أوراق رسمية لا تعنى أننا نحارب الفساد، ولا تأخذنا عناوين الصحف التى حاولت تصوير الأمر على أنه حرب على الفساد، بمجرد سقوط اثنين أو ثلاثة من موظفى المحليات، بتهم الرشوة، لأن «ما خفى كان أعظم»، وإذا كان سوء الحظ قد أوقع هؤلاء الفاسدين فى قبضة الأجهزة الرقابية، فإن هناك الآلاف داخل جهاز الدولة، خاصة المحليات تعتبر ما تحصل عليه من رشاوى يومية جزءا من العمل الوظيفى، وأننا لو قمنا بعمل دراسة سرية عن حجم الفساد داخل المحليات أو إدارات الخدمات فى جهاز الشرطة مثل المرور أو مناطق استخراج البطاقات أو.. أو.. فإننا سنكتشف أن الكثير من الموظفين يخالفون ويحصلون على رشاوى، ويعتبرونها حقا مكتسبا، وربما لم يعد أى منهم يستغفر الله، أى أن ضميره مات، خاصة بعد 25 يناير 2011، والسبب أن الكل شعر بأن البلد بتخرب، وكما يقول المثل الشعبى «إن وقع بيت أبوك قرب خد منه قالب».
هذا هو شعور أغلب من يرتشى اليوم، المفاجأة أن كل من يحصل على رشوته اليوم لا يعتبرها رشوة، بل حق مكتسب، وكأن المصلحة التى سوف يقوم بإنهائها للمواطن، يجب أن يحصل على مقابل، لأن مرتب الحكومة غير كافٍ، وهو حجة أغلب الفاسدين فى جهاز الحكومة بكل أنواعه. إذاً علينا ألا يخدعنا سقوط بعض مافيا الفساد هنا أو هناك، ويجب أيضًا ألا نظل نستخدم نظرية دعاء الوالدين فى حربنا ضد الفساد، لأن مصر الآن مهزومة بالفساد والإهمال، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، والدليل أن عامل النظافة ترك عمله وترك شوارعنا مملوءة بأطنان من الزبالة، وتفرغ للتسول، وهو نوع جديد من الفساد، لأن هذا العامل لم يقم بعمله، والنتيجة هى مزيد من الدمار للشارع. نفس الشىء ينطبق على أمناء الشرطة وعساكر المرور، فبعضهم يهمل عمله فى تنظيم المرور، ويترك كل من يريد أن يخالف، مقابل الحصول على رشوة، والنتيجة حالة الفوضى المرورية الكبرى فى شوارع مصر، ولو تم تطبيق القانون، لتوقفت تلك الفوضى الكبرى. إذاً الحل هو اجتثاث الفساد والفاسدين فى الجهاز الحكومى، لأن هذا هو الحل الوحيد. ولكن إذا كنا قد قمنا بالإطاحة، كما يعتقد البعض بحكم مبارك فى 25 يناير 2011 ، لأنه كان فاسدا، ونظامه فاسد، فإننا أنتجنا شعبا أكثر إفسادا. شعبا يأكل أغلبه مال اليتامى ويقول آمين. شعبا لم يعد يردعه قانون أو دستور، والنتيجة هى مزيد من انهيار البلد، ورغم محاولة الرئيس عبدالفتاح السيسى بذل قصارى جهده لمحاربة الفساد، فإنه حتى الآن يعمل بمفرده، لأن عقيدة الأغلبية العظمى من شعب مصر أصبحت هى «الفساد أقصر طريق الثراء».. لهذا كله، فإننى أطالب ليس بمزيد من القوانين، ولكن بتطبيق القوانين النائمة، التى تغلق أى باب للرشاوى فى أى إدارة بالجهاز الحكومى، لأن محاربة الفساد، كما قلت لن تكون بحسن النوايا، أو دعاء الوالدين.
وفى دراسة رائعة للدكتور عادل عامر نشرها منذ عام، وحملت عنوان «الفساد فى مصر وكيفية مواجهته؟»، تحدث الرجل عن كيفية مواجهة الفساد، حيث إن الإرادة السياسية هى العامل الرئيسى فى مكافحة الفساد والقضاء عليه، وأنه يجب إعادة النظر فى التشريعات المصرية المتعلقة بمواجهة الفساد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد ماكس
رائع
الله عليك مقال رائع يا أستاذ