مزادات الخير للفن التشكيلى
المجتمعات المتقدمة تملك طرقا متنوعة للبناء والازدهار وتوفير المال اللازم للتحرك الإيجابى، ويأتى على رأس هذه الطرق ما يسمى بالمجتمع المدنى، ولك أن تتخيل أن كثيرا من المشروعات العلمية الناجحة فى العالم يكون جزءا كبيرا من رأس مالها تبرعات من شركات كبرى، وأن معظم الدراسات العلمية والأبحاث الجامعية والكشفية تأتى عن طريق منح مالية من رجال أعمال رأوا واجبا عليهم المساهمة فى صناعة التقدم فى بلادهم، وفى مصر نحن فى حاجة ملحة لمثل هذه الأفكار حتى يتحقق ما يمكن أن نطلق عليه التكافل الذى يأتى سواء بالتبرعات الفردية أو بإنشاء مؤسسات خيرية تعد وقفًا على خدمة قطاع معين من الشعب أو مساعدة الدولة فى بناء مؤسسات لصالح أبنائها.وفى مجال الثقافة فى الفترة الأخيرة قام فنانون تشكيليون بحركتين مهمتين فى هذا الشأن، الحركة الأولى منذ قرابة 10 أيام أسهم عدد من الفنانين التشكيليين بعرض أعمالهم فى مزاد علنى، وذلك فى أحد الفنادق الشهيرة بالقاهرة، وهذه الأعمال الفنية تم بيعها بنحو مليون جنيه، وذهب هذا العائد إلى صالح مستشفى مجدى يعقوب فى أسوان، حدث ذلك بحضور الدكتور مجدى يعقوب وعدد من المهتمين، والحدث الثانى كان عندما افتتح عدد من الفنانين التشكيلين معرضا فنيا خيريا، على أن تخصص عائدات بيع اللوحات لصالح ترميم وتطوير قصر محمد على بالمنيل.
وبالتأكيد هناك أشياء أكثر من ذلك تحدث فى الخير، لكننا دللنا بنموذجين مختلفين فى فترة زمنية متقاربة، فالمزاد الأول المتعلق بمستشفى الدكتور مجدى يعقوب فى الصعيد البعيد، يعد مساهمة مهمة لصالح مرضى القلب فى مصر، بينما التبرع لصالح ترميم قصر محمد على باشا فهو نوع من الوقوف بجانب الدولة والتخفيف عنها والتقليل من مشكلاتها، والمساهمة فى تحسين صورة المجتمع والقيام بدور إيجابى فى هذه الحياة.
بالطبع الأمر الذى يلفت الانتباه هو أن هذه التفاعلات الإيجابية فى الفن التشكيلى قام بها أفراد جمعت بينهم الرغبة فى المساهمة البناءة ولم تقم بها مؤسسات، لذا من السهل تكرارها، لأنها تخلو من التعقيدات والحسابات، فهى مجرد رغبة من المثقفين فى القيام بدور إيجابى فى المجتمع شعروا به وقاموا بتنفيذه.
الثقافة من الممكن أن تكون صدقة جارية، خاصة ونحن فى مستهل شهر كريم، فكل واحد منا يفكر فيما يمكن أن يقدمه لصالح نفسه ولصالح المجتمع، وبالتأكيد سيجد الخير الكثير الذى يشارك به.