البعض يتصور أن الغضب البريطانى على رئيس الوزراء السابق تونى بلير مرجعه غزو العراق وتدميره بأدلة مزيفة، بينما الغضب البريطانى كله بسبب سقوط 179 جنديا بريطانيا قتلى فى الحرب، ولا يبدو هناك اهتمام لدى البريطانيين والأمريكان بمليونى عراقى راحوا ضحايا أثناء وبعد الحرب، وتداعياتها الطائفية والعرقية، ومليارات تم نهبها من أموال العراق.
تقرير لجنة تشيلكوت والاعتراف بتزييف أدلة غزو العراق وإسقاط صدام حسين تحصيل حاصل، كل أطراف العملية اعترفوا بالتزييف، تونى بلير نفسه يصر على التأكيد أن العالم أصبح أكثر أمنا فى غياب صدام، لكن بلير ومن قبله بوش يصر على التدليس، فإذا كان العالم أصبح أكثر أمنا بغياب صدام، فهل أصبح العراق أكثر أمنا بتفكيك الجيش العراقى والمؤسسات والمصانع ومعامل النفط؟
لقد اعترف بول برايمر، أول حاكم أمريكى للعراق بعد الغزو، أن الرئيس جورج بوش أصر على تفكيك الجيش والمؤسسات العراقية بالرغم من أن كل التقارير كانت تحذر من نتائج ذلك، وتتوقع فوضى فى العراق، لا يوجد أى اعتذار، والجماهير التى صوتت لبلير وبوش ليست غاضبة من الفوضى ومن ضياع دولة كبرى تحت ضربات الفوضى، وكل من اعتمدوا يوما على تقارير مراكز الأبحاث الأمريكية والأجهزة عن زراعة الديمقراطية فى العراق ما زالوا يتغذون على نفس الوجبات من الأفكار عن الشكل الذى تريد أمريكا وبريطانيا عليه الشرق الأوسط، إنه نفس التصور الذى بشروا به وهم يغزون العراق.
لقد تم التمهيد للغزو بـ200 مليون دولار دفعتها أمريكا لعراقيين ساهموا فى تفكيك بلدهم وعادوا ليزكوا عملية التفكيك، وبالتالى فإن الغضب والتظاهر والدعوة لمحاكمة بلير بعد اعترافه بالمسؤولية عن الغزو لا علاقة لها بحق الشعب العراقى، ولا بفوضى طائفية وموت مجانى ما يزال يحصد الجميع، كانت الفتنة المصنوعة أشد خطرا من كل أسلحة الدمار الشامل المزعومة، حروب طائفية تم زرعها وسط شعب عاش مئات السنين تحت حكم ملكى وجمهورى من دون أن يشتعل بالفتن والطائفية، العراق فقد مليونى قتيل، وما يزال، وهناك إحصاءات بأن الرقم 3 ملايين بخلاف ملايين النازحين وضحايا داعش وتنظيمات الإرهاب من الإيزيديين والمسيحيين والسنة والشيعة.
العراق يحتاج إلى عقود ليستعيد نصف قوته واستقراره، ولا أحد فى الدول التى رتبت ونفذت الغزو مهموم بمصائر هؤلاء، جورج دبليو بوش اعترف بالتزييف ورفض الاعتذار وبلير معه فى نفس الاتجاه، والناخبون فى البناء الديمقراطى الإنسانى لا يهتمون بالعراق وملايين الضحايا، ولا بالتزوير والتلاعب والكذب على العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل من منح حق الدمار الشامل للعراق لا يجدون الوقت والجهد لمحاسبة أحد، ولا حتى بالدموع على تدمير دولة كبرى وتفكيك جيشها ومؤسساتها ونهب ثرواتها وآثارها، أما الغضب فهو من أجل جنود بريطانيا وليس غيرهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
تدمير العراق آخر ما يفكر فيه الغرب
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
د. جيكل و مستر هايد (دكتوراه من الأتحاد الأوروبى فى العداله و الديمقراطيه الأنتقائيه)
التحقيق و أعتذار بلير لم يكن للعراقيين أطلاقا - العراق هو من سيدفع تعويضات القتلى الأنجليز
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود صالح
نعم نستحق
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
لا تنسى أن بعض العرب هللوا لتدمير العراق
بدون