سعيد الشحات

بؤس عربى وتمدد إسرائيلى

الأربعاء، 13 يوليو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتعجب من هؤلاء الذين يراهنون على أن إسرائيل ستقدم التنازلات من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، ومن هذا الباب أنظر إلى اجتماع سامح شكرى برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى القدس الغربية يوم الأحد الماضى.

فى السياق السياسى الإقليمى والدولى الذى تمت فيه الزيارة، نحن أمام أوضاع يتم فيها ترتيب المنطقة وفقا لمعطيات قوة أطرافها، وفى صدارتها، إيران، تركيا، إسرائيل، وواقع الحال لا يحتاج إلى تأكيد أن الدول العربية فى أضعف حالاتها، ووصلت إلى الحال الذى كنا نخشاه من قبل وهو تقسيم الدول العربية من جديد وفقا للمصلحة الإسرائيلية، الذى يؤدى إلى إبقاء العرب تحت لهب الحروب الطائفية والعرقية، وطبقا لذلك نرى ملامح التقسيم والتجزئة فى سوريا والعراق واليمن ولبنان والسودان وليبيا، ونرى أوضاع القضية الفلسطينية فى أسوأ حالاتها، ويكاد يختفى معها حقيقة أن هناك فلسطين المحتلة من عصابات صهيونية منذ عام 1948، وفى مقابل التواطؤ العربى لأجل محو هذه الحقيقة، يتم اختصار القضية الفلسطينية إلى مسألة تسكين فى غزة وتلحق بها الضفة الغربية بعد حل قضية القدس وفقا للشروط الإسرائيلية.

وفى مقابل حالة «البؤس العربى» تعيش إسرائيل براحتها بدرجة لم نر لها مثيلا فى تاريخ الصراع العربى الصهيونى منذ عام 1948، ومشهد وقائع زيارة نتنياهو إلى أفريقيا، واجتماعه مع قادة سبع دول أفريقية، وحديثه المباشر عن أزمة مياه النيل وسد النهضة، وطلب إسرائيل الانضمام إلى الاتحاد الأفريقى كعضو مراقب، ليس الدليل الوحيد على ذلك، فتسابق بعض الدول العربية فى التودد إلى «تل أبيب» سرا وعلنا هو دليل آخر يؤكد أننا أمام حالة هيمنة إسرائيلية بامتياز لم يتخيلها أحد من قبل.

فى ظل هذه الحال، فإن الحديث عن دفع إسرائيل للإقدام على مفاوضات تؤدى إلى التوصل إلى سلام وفقا لشروط عربية وفلسطينية صحيحة وعادلة، سيكون خيالا حقيقيا لا يحتمل معه أى شىء آخر، فالصراع الإنسانى والسياسى لا يمكن حله بالنوايا الحسنة، كما أن الأقوى يفرض شروطه على الأضعف، وتاريخ القضية الفلسطينية يؤكد ذلك، كما يؤكده تاريخ التفاوض العربى مع إسرائيل منذ زيارة السادات إليها عام 1977، وما تلاها من اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 ثم اتفاقية أوسلو، وخيار «غزة أريحا أولا» الذى أسفر عن حالة «سلطة فلسطينية» فى غزة والضفة الغربية، لكنها منزوعة من ممارسة أى سلطة.

يقودنا كل ذلك إلى الحديث عن زيارة سامح شكرى، أو أى زيارة أخرى لمسؤول عربى إلى إسرائيل من زاوية ماذا بحوزتهم يقدمونه؟ وكيف سيردون على ما فى جعبة نتنياهو ومن معه سواء تم ذلك على مائدة العشاء ومشاهدة نهائى كأس أوروبا بين فرنسا والبرتغال، كما حدث مع شكرى، أو كما كان يفعل شارون فى الماضى حين كان يستضيف مسؤولين عربا فى مزرعته الشاسعة التى اغتصبها ضمن أرض فلسطين المغتصبة.

لا شىء يقدمه العرب سوى الحديث عن أمنيات بتحقيق السلام، والحديث عن الوساطات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكأن الجرح الفلسطينى لم يعد هما عربيا.

يحدث ذلك بعد تفريط عربى فى كل أوراق القضية، وأهمها ضعف الحركات الجماهيرية المقاومة للتطبيع التى عملت الأنظمة العربية لها ألف حساب فى الماضى، وارتضت القسمة بين ما هو رسمى وما هو شعبى فى الصراع.

الخلاصة أن زيارة سامح شكرى لن تقدم جديدا، والمشاهد التى سنراها فى المستقبل لن تزيد على لقاءات للتفاوض، لكنه التفاوض الذى بلا نهاية، وهى لعبة إسرائيلية معروفة تجيدها أمام أطراف عربية تدمن اللعب مع إسرائيل بوصفها صديقا وليست عدوا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة