سواء بقى الوضع فى تركيا كما هو الآن أو تغير بعد حين، فإننا أمام حقيقة واحدة وهى أن تركيا تعرضت لأكبر زلزال فى تاريخها الحديث سيكون له تداعيات سريعة ستؤثر على وضعيتها السياسية والاقتصادية، وربما ستحدد مصير حزب العدالة والتنمية.
بشكل عام يمكن القول إن تركيا تواجه مصيرا غامضا ومجهولا، لأن ما حدث أكبر من تصور أحد، حتى وإن فشل فى تحقيق النتائج المرجوة منه، لكن مجرد خروج قطاع من داخل الجيش لتنفيذ عملية تغيير للسلطة رغم أنه ليس بجديد على تركيا، لكن الأوضاع الحالية تجعله «خطير».
وقبل الحديث عن النتائج المتوقعة، وهل ستؤدى إلى انهيار تركيا أو وقوفها صلبة وقوية، علينا الاعتراف أنه لولا الدعم الخارجى الذى تلقاه رجب طيب أردوغان تحديداً من حلف شمال الأطلسى «الناتو» والولايات المتحدة وألمانيا والسعودية لتغيرت دفة الأمور، وإلى الآن هناك أسرار ربما لن يتم الكشف عنها تتعلق بهوية الطائرات التى ساعدت الحكومة فى استعادة السيطرة وإسقاط طائرة إف- 16، لأن الوضع فى القوات الجوية التركية كان خارج السيطرة الحكومية، وفى نفس الوقت تم إسقاط الطائرة، بما يشير إلى وجود طرف آخر ساعد الحكومة على إحكام السيطرة، خاصة على القوات الجوية التى نشطت بقوة وقامت بقصف محيط مبنى البرلمان وأماكن أخرى.
وبعيداً عن هذه الملاحظة أستطيع الإشارة إلى عدة أمور يمكن اعتبارها مؤشراً على شكل تركيا مستقبلاً، أولها أن هناك انقسام فى الجيش التركى سيحاول أردوغان السيطرة عليه بما وصفه بحركة تطهيره من الإرهابيين، وهو ما يعنى أن هناك نية لإعادة هيكلة الجيش من جديد بحيث يضم كل الموالين لأردوغان، وتنتهى إلى الأبد أسطورة الجيش التركى حامى العلمانية، والتى كانت تؤرق أردوغان وحزب العدالة والتنمية. وارتباطا بأمر الجيش التركى الذى يضم 510600 جندى ويعد ثانى أكبر جيوش حلف شمال الأطلسى بعد الجيش الأمريكى، فكل المؤشرات تؤكد أنه أصبح الآن فى ورطة داخلية، خاصة بعد الصور والفيديوهات المتداولة والتى تظهر سيطرة عناصر من الشرطة على قيادات عسكرية ووحدات بالكامل، وهو ما يؤثر على وضعية الجيش ونفسية الجنود والضباط الذين باتوا فى وضع لا يحسدون عليه، وربما يكون ذلك مدخلاً لتحركات أخرى مستقبلاً إذا لم تنجح تدخلات أردوغان للسيطرة عليه.
الأمر الآخر أنه رغم إعلان المعارضة التركية رفضها لحركة الجيش الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعنى التئام الوحدة الوطنية التركية، وإنما يعبر عن تزايد الانقسام فى المجتمع التركى، الذى بدا بقوة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث وقف نصف المجتمع مع أردوغان والنصف الآخر ضده، إلا إذا حاول أردوغان ترضية المعارضة على موقفها الأخير، أو بمعنى أدق سيقوم رئيس تركيا بسداد فواتير سياسية على أردوغان لمعارضيه، خاصة حزب الشعوب الديمقراطى الكردى.
أما فيما يتعلق بالشرطة التركية التى تدين بالولاء للحكومة فأستطيع التأكيد أنها هى التى حسمت الموقف، خاصة القوات الخاصة بها، والشبيهه بقوات الحرس الثورى الإيرانى، التى شكلتها الحكومة التركية لتكون ظهيراً أمنياً لها حال فكر الجيش فى إحداث تغيرات فى الداخل التركى، وكلنا نتذكر محاولة الإخوان تشكيل قوة شبيهة لها فى مصر بمساعدة إيرانية، لولا نجاح ثورة 30 يونيو التى أنهت على أحلام الإخوان، ومن الآن ستزداد قوة الشرطة التركية وربما تفوق قوة الجيش نفسه.
ولا ننسى أن الاقتصاد التركى سيعانى كثيراً على الأقل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، لأن الاضطرابات ستظل مستمرة، والهواجس الأمنية ستسيطر على كل الشوارع التركية، بما سيؤثر على قطاع السياحة الذى يعد القطاع الأهم فى مصادر الداخل التركى.
تبقى نقطة مهمة، وهى أن فرص تركيا فى الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبى تضاءلت بعد التحرك الأخير، فرغم الآمال التى بدأت تنتعش بعد الاتفاق الأخير بين الاتحاد وأنقرة حول مواجهة الهجرة غير الشرعية، فإن ما حدث أعاد الأمور إلى المربع صفر مرة أخرى. كل هذه الأمور تشير إلى أن تركيا ستواجه ظروفاً صعبة على الأقل خلال الأربع أو الخمس سنوات المقبلة.
عدد الردود 0
بواسطة:
ااشعب الاصيل
تركياتكتظ بالصراعات الداخليه وهم الذين صنعوا داعش
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
حمزه أبو حمزه
*****---*-*-*- لن أذرف دمعه على تركيا لو أصابها ما أصاب سوريا وليبيا والعراق -----