مشروع مارشال عربى لمواجهة التطرف بالتنمية
الإرهاب يضرب بقوة فى أوروبا، والذئاب الشاردة لداعش تقتل بضراوة فى فرنسا.. والغرب كله فى حالة فزع لأن الآلية التى يتحرك بها ذئاب داعش أسهل كثيرا من تكتيكات القاعدة التى تستهدف مصالح غربية مؤثرة أو السيطرة على بلاد بأكملها لإعلانها مناطق محررة.
ذئاب داعش أشبه بالفيروسات القاتلة التى تصممها «سى آى إيه» فى معاملها لتجربها فى البلدان الأفريقية الفقيرة، يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة وتقتل فى مناطق متنوعة بكثافة دون أن يمكن السيطرة الكاملة عليها، فماذا يمكن أن تفعل أوروبا والغرب عموما فى مواجهة هذا الكابوس ؟.
الغرب تصور فى السنوات الماضية أنه قادر على تصميم الحروب المدمرة والنعرات الطائفية والثورات الاجتماعية والجماعات المتطرفة وتحريكها عن بعد بالريموت كونترول لإعادة تخطيط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنشاء دويلات جديدة، تدمير دول مستقرة وقائمة، الإعلاء من جماعات إثنية على حساب أخرى، بدء عهد جديد من الاستعمار الغربى للمناطق البدائية ذات الثروات الطبيعية الهائلة وتجديد منهج الإفقار القديم الذى نهبت بواسطته أوروبا والغرب ثروات الشعوب العربية والأفريقية وسيطرت على نخبها السياسية حتى صات التبعية منهجا لإدارة العالم الثالث.
نعود للسؤال، ماذا ستفعل أوروبا والغرب فى مواجهة الحرب التى أعلنتها ذئاب داعش الشاردة؟ هل ستكتفى بالحلول الأمنية ومطاردة الجناة بعد كل مذبحة فى باريس أو لندن أو برلين؟ هل سيكتفى أوباما بزيارة كل سفارة أوروبية تتعرض لهجمات الإرهاب، أم سيلاحقه الإرهاب فى واشنطن دى سى ونيوريوك ولوس أنجلوس؟ أم أن عليها الاعتذار عن انصياعها للمنهج الأمريكى المدمر والمعروف بالفوضى الخلاقة وبدء مشروع جديد من الإعمار والبناء للدول المتضررة جنوب وشرق المتوسط لمساعدتها على تحجيم الإرهاب الذى يرفع شعار الإسلام، على غرار مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب.
لم يتحرك أوباما أو أى من الرؤساء الأوروبيين أو قيادات الناتو، تحركا حقيقيا على الأرض لتجفيف منابع الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا وسيناء، لم يتحركوا لوقف تدفق الأسلحة والأموال على الميليشيات المسلحة، لم يتحركوا بجدية لسحب المقاتلين الأوروبيين والأمريكيين من مناطق القتال المشتعلة بالشرق الأوسط، لم يوقفوا عقود شركات القتل العاملة على توريد السلاح والمرتزقة وإشعال الحروب الأهلية بين الفصائل والطوائف المتنازعة، فكيف سيواجه الإرهاب؟
يكابر الغرب وأوباما تحديدا ويمارون فى الاعتقاد الخاطئ أنهم قادرون عن ردع الإرهاب وعزل بلادهم عن الذئاب الشاردة وطلائع المختلين المجانين الذين يمكنهم فتح النار على النساء والأطفال والمواطنين العزل فى أى حديقة عامة أو مدرسة فى أوروبا وأمريكا وأستراليا أو دهس المئات بالشحنات الثقيلة كما حدث فى نيس.
ومادامت هذه الرؤية القاصرة الانتهازية مسيطرة على قادة الغرب، سيبقى الإرهاب خطرا داهما مهددا العالم بأسره مثلما هو فى الشرق الأوسط والبلاد العربية، ولعل لندن الحاضنة الأولى للإرهاب فى أوروبا التى ستكتوى بناره فى القريب العاجل، تتعلم الدرس من الممارسات الانتهازية التى أبقت على جماعة الإخوان ومدارسها ومناهجها المتطرفة مثل الثعابين التى تنمو ببطء فى قلب المقاطعات البريطانية، دون أن تجرؤ بفعل الرشاوى الضخمة أن تعلنها جماعة إرهابية وأن تجفف مصادر تمويلها التى تدعم أطيافا عديدة من الفئات والفصائل المتطرفة!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة