أحمد إبراهيم الشريف

مخلصون للعنف.. ثقافة القسوة

الثلاثاء، 19 يوليو 2016 06:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تقرأون الصحف وتتابعون البرامج التليفزيونية وتلاحظون مستوى العنف والتشفى الذى يحدث حال ارتكاب الجرائم، هل قرأتم عن البنت التى قتلت والدها، وقالت إنها مستعدة لقتل جميع عائلتها من أجل رجل آخر، وعن المرأة التى حبست أمها حتى الموت، وعن العاطل الذى يرتكب أصعب الجرائم، ويقتل عجوزا تعيش وحيدة بسبب جنيهات قليلة، وعن العلاقات الشاذة التى تدمر الإنسان، وتصنع دائرة من الجحيم المجتمعى حوله، ثم هل تساءلتم من أين يأتى العنف؟

أن يرتكب الإنسان جريمة هو أمر وارد، وقد يحدث ذلك بترصد وقصد وقد يحدث ذلك مصادفة، وهو أمر سيظل يحدث طوال الوقت على ظهر هذه الأرض، فمنذ قتل قابيل أخاه هابيل والجريمة أصبحت جزءا من التركيبة البشرية، لكن الغريب الذى انتشر فى السنوات الأخيرة، هو مدى التطرف فى ارتكاب الجرائم، ومدى الذهاب للقسوة لأقصى مدى وأقساه.

فى شهر رمضان الماضى تم تبادل الاتهامات بإفساد المجتمع بين الدراما العنيفة التى تبنت القسوة والانتقام، وجعلتهما سبيلا للحياة لا تستقيم إلا بهما، وبين الشارع بجرائمه المتجاوزة للمنطق التى يعجز أى عاقل على استيعابها، واتهم كل منهما الآخر بأنه المتسبب فى صناعة دوامة العنف التيى تطيح بالعلاقات الإنسانية، التى كان لها شأن آخر قبل ذلك، والحقيقة أن الجميع يتحمل دورا فى هذا الانهيار الأخلاقى، لكن الذى يتحمل الجانب الأكبر هو التراجع الاقتصادى للبيت المصرى وإحساس أفراده بالعجز عن مواجهة مشكلاتهم.

ربما كانت أبسط هذه الجرائم المخيفة ما فعله أب فى إحدى القرى المصرية، عندما قام بتكبيل طفله البالغ من العمر 7سنوات فقط لا غير، لمدة شهر كامل، بسلاسل حديدية فى رقبته ويديه، ويمكن مشاهدة الصور الصعبة والمؤلمة على موقع «اليوم السابع» تحت عنوان «القبض على أب كبل ابنه بسلاسل وأقفال حديد أكثر من شهر فى الدقهلية»، وعند سؤال الأب عن سبب ذلك، قال إن الطفل داوم على الخروج من البيت والاختفاء.

طبعا هذه مشكلة، لكنها ليست مستحدثة، فهى قديمة قِدم الإنسان على ظهر الأرض، لكن كيف كان أباؤنا بنفوسهم الهادئة يعالجونها، كانوا يأخذوننا معهم لأشغالهم ونحن أطفال صغار، فنظل نلعب أمام أعينهم، وإذا ما سألهم أحد عن سبب مجيئنا معهم قالوا إنهم أشقياء يخرجون من البيوت، ويختفون ويصنعون المشكلات، هكذا كانوا يحلون المشاكل المشابهة، لا بأن يقيدوننا شهرا على سلم البيت، ويتركوننا أكثر إعياء ورغبة فى الفرار من البيت وكراهية الأسرة، ويكرسون للعنف داخل النفوس الصغيرة، وبسؤال صغير لذلك الأب الذى كبل طفله: ما الذى تنتظره من هذا الطفل عندما يكبر سوى أن يتركك تموت وحيدا فى غرفة عفنة فى بيتك القديم؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة