تفجير مطار أتاتورك بإسطنبول يثير الكثير من المفارقات ويكشف عن تحولات ليس فقط فى تركيا لكن فى حجم وشكل الصراعات فى المنطقة وتغير التحالفات وخرائط النفوذ، الرئيس التركى أردوغان برجماتى بوصلته مصالحه، بالمفهوم العام والخاص، فقد غير خرائط تحالفاته خلال عشرين عاما أكثر من مرة، فقد كان حليفا لبشار الأسد وانقلب عليه، ومع روسيا وإيران . هو يطبق شعار «صداقة دائمة ولا عداء دائم لكن مصالح».
أردوغان من هذه الزاوية مثال للسياسى الذى يتخذ مواقفه حسب مصالحه، ويقلب مواقفه دون أن ينظر خلفه، ولهذا فإن من ينتقدون اتجاهه للتطبيع مع إسرائيل لا يعرفون أن التعاون الاقتصادى والعسكرى بين تركيا وإسرائيل لم يتوقف، والاحتكاكات بينهما كانت فى سياق العتاب وليس الصدام. بل إن أردوغان وهو ينهى التطبيع مع إسرائيل ينتقد أسطول الحرية الذى كان سبب الهجوم الإسرائيلى. أردوغان يتوسط بين إسرائيل وحماس لوقف الهجمات وصنع التقارب.
حماس هى الأخرى برجماتية، حصلت على كل الدعم والحماية من سوريا، انسلخوا وغادروها إلى قطر وتركيا وباعوا دمشق. وتوجهت البوصلة إلى الدوحة التى انضمت لجبهة الصراع ضد الأسد.
الدوحة، تل أبيب، أنقرة، مثلث واضح الملامح لا يبتعد كثيرا عن نقاط الصراع.. كان أردوغان يلعب داخل خرائط الصراع دوره لأهداف متعددة، واضطر إلى التعامل مع كل أطراف الصراع، منها داعش والنصرة وكل التنظيمات. فضلا عن حلف الأطلنطى وأمريكا وأوروبا وهى أطراف دخلت الصراع السورى بناء على معلومات وفرتها تركيا أخبرتهم بسهولة إسقاط الأسد وهو ما بدا أكثر تعقيدا. وفتح على أردوغان أبوابا كثيرة بعد تكشف خيوط كثيرة بدت معقدة.
واجه أردوغان تكشف الكثير من أوراقه وسياسة الوجوه المتعددة التى يتعامل بها مع التحالفات المتناقضة، وكان الصدام مع روسيا وإسقاط الطائرة الروسية بداية لتسريبات وصراعات وكشف أوراق، تزامن هذا مع انتقادات غربية متناثرة. مع تعقيدات داخلية وصدام مع حلفاء سابقين ممثلين فى الأكراد. ربما لهذا كان طبيعيا أن يطرق أردوغان أكثر من باب، ويبدؤها بإسرائيل وروسيا، ويلقى بأوراق وإشارات أخرى فى سعيه إلى خفض الصراع والصدام إلى الدرجة صفر، يراهن على نجاح يدعم مشروعه السياسى لنقل تركيا إلى نظام رئاسى بمسحة عثمانية. يجلس على قمتها.
أردوغان يطبق السياسة، مصالحه أولا، وفى سبيل ذلك على استعداد لإقامة تحالفات تدوس على تحالفات أخرى، ومن هنا يمكن قراءة ظهور داعش فى تفجيرات مطار أتاتورك؛ لأن داعش كانت ضمن خرائط علاقات أردوغان. ضمن تعقيدات للمشهد، تلتقى فيها خطوط علاقات إسرائيل وقطر وتركيا، وروسيا وداعش وأمريكا، ولا صداقة دائمة ولا عداء دائم. مصالح فقط، وهو أمر يفترض أن يقرأه من يريدون، التعرف على ما يجرى بعيدا عن الأحلام والكوابيس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
على بك مظهر (مبالغ و باذخ فى حفلات الأفطار و السحور فى بلد يأن أغلب أهله من الفقر)
العالم كله يتغير و سيتغير بسبب سوريا - هى الحرب العالميه الثالثه كما قال الملك عبدالله
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
تناقض السياسات سيؤدي االي الانهيار التركى
بدون