وسط تصفيق حاد، وصيحات حماسية، تعالت أصوات مؤيدى المرشح الرئاسى الجمهورى دونالد ترامب: «اسجنوا هيلارى.. اسجنوا هيلارى»، بينما يزعق ترامب بصوته الجهورى، متوعدًا هيلارى بالسحق فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.. نعرف أن تطالب الجماهير بعزل أو إبعاد المرشحين فى الانتخابات، أو بمقاطعتهم، وعدم ترشيحهم، لكن أن يطالب الأمريكيون بسجن هيلارى، فلابد أن يكون لذلك أسباب وجيهة فى نظرهم.
فى مقدمة الأسباب التى استند إليها ترامب ومؤيدوه لمحاسبة هيلارى قضائيًا وسجنها، أنها أوصلت الإخوان إلى حكم مصر، وساعدت تنظيم داعش الإرهابى على الوجود بسياستها الحمقاء، وكسرت الهيبة الأمريكية فى ليبيا، وزرع الفوضى فى ليبيا وسوريا، هذا على المستوى الخارجى، أما على مستوى الداخل الأمريكى، فلأن تركتها- بحسب تصريحات ترامب- هى الحرب والدمار والفساد، فقد شاركت فى إدارة أوباما التى زادت الدين الخارجى 19 تريليون دولار، وخذلت الأمريكيين بعد تزايد جرائم القتل ضد الملونين.
ما يعنينا فى هذا السياق اعتراف ترامب بأن هيلارى كلينتون ارتكبت جريمة إيصال الإخوان إلى الحكم فى مصر، وتسببت فى تدمير سوريا وليبيا والعراق وصنعت داعش، ودعمت الفوضى الهدامة للبلاد العربية المستقرة بدعوى نشر الديمقراطية، وأنها تستحق المحاسبة والسجن على جرائمها الخارجية التى تسببت فى كسر هيبة أمريكا وإذلالها، فللمرة الأولى يعترف سياسى أمريكى، ومرشح رئاسى بحجم ترامب، أن دعم جماعة الإخوان الإرهابية حتى الوصول لحكم مصر جريمة تستحق السجن.
يكفى هذا الاعتراف من ترامب لنبنى عليه الكثير من مواقفنا السياسية ضد الإرهاب والتطرف المدعوم غربيًا، وأن نؤكد لأنفسنا وللآخرين- نحن الذين ناضلنا وكتبنا مرارًا وتكرارًا عن مشروع الفوضى الأمريكية الخلاقة وأهدافها جنوب وشرق المتوسط- أننا كنا على صواب، وأن دعاة الديمقراطية المدعومة بالدبابات الأمريكية، وجماعات الذبح والموت لم ولن يكونوا أبدًا صادقين أو حاملين لقيمة، أو مدافعين عن غاية شريفة.
لن أسأل أين الجماعات الحقوقية العربية من جرائم الأمريكان، والمنظمات والدكاكين الإعلامية التابعة لها؟، ولن أسأل متى نواجه قوة عصابات التطرف؟، لكننى أسأل من أول من يقاضى هيلارى كلينتون وأوباما بتهمة تدمير البلاد العربية؟