ارتكاب الحماقات فعل إنسانى، لن نتوقف عنه أبدا، لكنه فى أحيان كثيرة يتجاوز المساحة المسموح بها ويدخل فى إطار من «العته والجهل والإساءة» وذلك عندما يتعلق الأمر بحياة الآخرين وأمورهم الشخصية، وآخر هذه التصرفات الحمقاء المسيئة «الجروبات» التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى تحت مسميات I know her – I know him.
فى كل يوم نكتشف أن الثورة التكنولوجية التى حدثت فى أرجاء المعمورة لا نعرف عنها فى حياتنا سوى وجهها القبيح، مع أن هذه الثورة ممتلئة بالخير ويمكن لها أن تساعدنا فى صناعة عالم أفضل، لكننا للأسف نسعى للهدم والتقليل من أنفسنا ومن الآخرين.
أريد من المسؤولين عن هذه الجروبات أن يشرحوا لنا ما الهدف من ثقافة الفضح التى يمارسونها ويدعون الناس لممارستها وكأنها نوع من «التطهر» لكنها فى الحقيقة ليست كذلك، ولن تكون أبدا، فالفضح ليس له مسميات أخرى، ونتائجه معروفة وكارثية، وسوف يعانى منها الجميع إذا ما تواصلت هذه الطريقة الفجة فى التعامل مع الخصوصيات.
وهذه الصفحات لن تقدم شيئا إيجابيا أبدا، فالإنسان الطبيعى عندما يرتبط بإنسان ما فى قصة حب أو حتى فى علاقة صداقة عادية فهو يستطيع أن يعرف بسهولة إن كان هذا الشخص صادقا أم كاذبا ولا ينتظر وضع صورته على جروب بالفيس بوك حتى يعرف من خلال الآخرين «حبيبه» الذى تربطه به علاقة، وإن لم يستطع «وحده» التعرف على طبيعة الشخص الذى سيقضى حياته معه فإن العيب حينها بالتأكيد فيه، أما فكرة فضحه على الفيس بوك فليست حلا ولن تكون أبدا حلا لمثل هذه الأمور.
سوف تتحول هذه الصفحات فى وقت قليل لـ«مشتمة» وسوف نرى كثيرا من الإساءة التى لا تليق بنا ولا بمجتمعنا ولا بمستقبلنا، وسوف يتم تقليدها بشكل «غبى» وسنصبح عائشين فى جدل عقيم عن المرأة والرجل والحريات والمسؤوليات، ولن نتوصل لشىء، سنقضى حياتنا فى دوائر مملة من الكلام المكرر، لذا أتمنى ألا ننساق وراء مثل هذه التصرفات التى أقل ما توصف به أنه صبيانية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة