منذ أن قال الشاعر الأول كلمته واستحسنها واعتبرها كلاما مغايرا لما تحدث به من قبل ولما يقوله الناس حوله من ثرثرة فارغة، والقصيدة آخذة فى الحركة للأمام، والتاريخ مشغول بتسجيل أصحاب التجارب الجيدة فى دنيا الشعر، وحسن طلب واحد ممن سيكتب التاريخ أسماءهم فى سجل القصيدة العربية «فلتدعى غزلانى تغزو حقلك/ سوف بحقلى أفعل فعلك/ بل سوف أغنيك وأغويك/ لعل فؤادك أو فلعلك/ ويلك».
لم نتحدث أبدا أنا والشاعر الكبير حسن طلب سوى مرة وحيدة فى اتصال تليفونى، وكان ذلك لأمر صحفى بحت، لكننى دائما فى الندوات والأمسيات الشعرية التى أراه فها ملقيا شعره أو متحدثا عن نص أو مبدع أو صامتا يستمع لما يقوله الآخرون، يسرقنى حضوره وأجلس لأتأمله، تجذبنى بساطته المفرطة وملامحه الصعيدية الواضحة التى لا جدال فيها، وقدرته على كتابة قصيدة تخصه وحده وطريقته المميزة فى قول نصه الشعرى «من أين يجىء الشعر؟ / من رهج فى الصدر/ يترعرع بين الأضلاع / ويقتات بماء الأنسجة الحيّة / والشحم المر/ فينهض كالعشب الحر/ ويخضرّ .. ويخضرّ/ ويركض كالمهر / إلى أن يستبدل - إن شاء - / بأحرار الوطن العبد/ عبيد الوطن الحر»
منذ قديم وشعر حسن طلب حاضر معى بشكل دائم يتماس معى ونلتقى فى نقاط كثيرة، يعجبنى شغفه باللغة وبوقعها الموسيقى ومراهنته على المشاركة الوجدانية واعتبار التواصل بين النص والمتلقى جزءا ضروريا لاستمرار فن الشعر، وكثيرة هى نصوص حسن طلب التى أرست جمالها فى روحى منها الزبرجدات ورسائله لأم على.
وذات سنة نشرت جريدة أخبار الأدب قصيدة طويلة ومهمة جدا لحسن طلب كانت بعنوان «هذه كربلاء وأنا لست الحسين» أذكر أننى ظللت محتفظا بنسختى من الجريدة فى حقيبتى أخشى أن أتركها فتضيع القصيدة أو يسرقها أحدهم أو يفسدها دون وعى، كانت قصيدة حالة تحكى نوعا ما حالنا وواقعنا الأليم، تأثرا بما كان يحدث فى العراق حينها بعد الغزو الأمريكى لأرض الفرات.
فى الأيام الماضية مر الشاعر الكبير بوعكة صحية لكن من متابعتى لصفحته على «فيس بوك» يبدو والحمد لله أنه تجاوز هذه المحنة، وأن الشعر انتصر .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة