«يا إلهى، إن حالى غير خاف، فاعطنى يا رب خبزى وكفافى» تذكرت هذه الكلمات الشعرية للراحل السورى ممدوح عدوان، ورأيت الفقر بناسه وهمومه ومشاكله الكبرى، يرتفع صوته هذه الأيام لدرجة الصخب ويكتم على أنفاسنا لدرجة الاختناق، ونحن لا نملك سوى أن نتأمل حالنا، ونحاول قدر الإمكان التعايش مع الظروف المحيطة، نعرف ذلك جيدا ونلمسه فى كل ما يحيط بنا، لكن المعلومات التى خرج علينا بها تقرير الجهاز المركزى للإحصاء والتعبئة، حول الفقر، فاجأنا وأصابنا بالذهول، لأن الأمر يعكس الصورة التى نتجه إليها، حيث قال التقرير: «إن %27 من سكان مصر لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، ونسبة الفقر هى الأعلى منذ عام 2000، وسوهاج وأسيوط من أكثر المحافظات فقرا بنسبة %66.. و11.8 مليون مواطن ينفقون أقل من 333 جنيها شهريا،
و %27.9 من أرباب الأسر فى مصر لا يعملون، و%17.7 من الأسر ينفقن عليها نساء».
هذا التقرير ممتلئ بالأرقام الخطرة التى تحتاج إلى دراسات وتأمل، فنحو %28 من المسؤولين عن الإنفاق فى الأسر المصرية لا يعملون، وفى الصعيد مثلا، وعن تجربة شخصية، أصبح كثير من أبناء الصعيد لا يجدون عملا، رغم محاولاتهم الدائمة، خاصة بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت بسبب انتشار أعمال العنف فى البلاد العربية المجاورة مثل ليبيا، التى كانت تمثل فى وقت ما المنقذ لهم من هذا الفقر، والسبيل الوحيد للخروج من دائرته الشريرة، لكن التنظيمات الإرهابية والمتطرفة دفعتهم للعودة ومعاشرة الفقر خوفا من الموت فى البلاد الغريبة.
رقم آخر غريب يتمثل فى الـ333 جنيها التى تمثل الحد الأعلى لنحو 12 مليون مواطن تنفق شهريا، وطبعا هذا المبلغ المالى لا يغنى من جوع ولا يكفى للتنفس فى ظل هذا العالم الجاثم بقسوته على الجميع.
أما نساؤنا، جزاهن الله كل الخير، فهن ينفقن على نحو %18 من الأسر المصرية، وهو أمر مفزع، ليس تقليلا من المرأة، لكن لأن ذلك يعنى حملا زائدا عليها، ويكشف عن كثير من تدهور أحوالنا.
قاتل الله الفقر وقاتل الظروف المؤدية إليه، أسباب كثيرة فعلت بنا ذلك منها ما يقع تحت مسؤوليتنا، ومنها ما فُرض علينا، ونحن لا نملك سوى العمل ومزيدا من العمل.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
الفقر يجلب معظم المشاكل الاخري
بدون