كريم عبد السلام

عيد سعيد مع «أبى الفرج الأصفهانى»

الأربعاء، 06 يوليو 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعميم مختارات «الأغانى» على طلاب المدارس ضرورة
من المفاجآت السارة بحق، إقدام الهيئة المصرية العامة للكتاب على طباعة النسخة الكاملة من كتاب الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى، طبعة جديدة شعبية فى 24 مجلدا بسعر زهيد للغاية، فهذا الكتاب الذى توالت طبعاته منذ عشرات السنين فى معظم البلاد العربية مازالت الأجيال الجديدة تحتاج لأن تمد جسورها إليه وأن تخطو على الجسور العريضة التى يقدمها الكتاب الموسوعة لعيون الشعر العربى وتحولات الغناء فى عصور الازدهار الإسلامى.

الكتاب الذى اقتنيت أجزاء عديدة منه على مدى الأعوام الماضية لم يتيسر لى الإمساك بأجزائه كاملة إلا بعد طباعته الطبعة الأخيرة فى هيئة الكتاب لتقوم بدورها فى تقديم عيون الأدب العربى إلى القراء بأسعار زهيدة، انطلاقًا من أن الكتاب زاد يجب دعمه، وعلاج يجب توفيره، ودرع ضرورية فى مواجهة الجهل والقبح والتطرف.

و«الأغانى» هو أكثر من كونه كتابا يضم الأشعار المغناة على مدى قرون الازدهار فى الحضارة العربية الإسلامية، وأكثر من تأريخ أمين وغنى لصناعة الغناء والطرب وأعلامهما من العرب والعجم الناطقين بالعربية، فهو سجل شامل يجمع تفاصيل الحياة والعلاقات والطرائف فى مجتمع الحضارة العربية الإسلامية الوليدة والمختلطة بحضارات الفرس والروم ووريثة كل الحضارات والمدنيات السابقة عليها فى آسيا وأوربا

ويكشف الكتاب الموسوعة خلف الأشعار وأخبار المغنين وطرائقهم فى التلحين، كيف ازدهر المجتمع الإسلامى الرحب بأصحاب الملل والنحل والجنسيات من كل بقاع العالم، فسرعان ما أصبح المجتمع الإسلامى فى عصور الازدهار من أواخر القرن الثانى وحتى القرن الرابع الهجريين مجتمعا كوزموبوليتانيا منفتحا على الترجمة والتطور فى العلوم والعمارة والموسيقى والخط العربى والترجمة وحتى فنون الحياة المدنية المستقرة فى مواجهة البداوة التى انحسرت فى مناطق شبه الجزيرة العربية.

وكما تروى السجلات التاريخية والأدبية ومنها الأغانى بالطبع، كانت الحواضر العربية غنية بالتنوع وبقيمة الحرية، ويكفى أن نقرأ فى «الأغانى» أن الشاعر عمر بن أبى ربيعة كان يهوى امرأة يقال لها أسماء فكان رسول الغرام يصل بينهما زمانا دون أن يرقق قلبها على الشاعر، ثم وعدته تزوره فتأهب لذلك وانتظرها فأبطأت حتى غلبه النوم فنام، وكانت عنده جارية له تخدمه، ثم جاءت أسماء ومعها جارية لها بيت عمر وطرقت الباب فلم يستيقظ، فقالت لجاريتها تطلعى وانظرى ما الخبر، فتسلقت وقالت لسيدتها هو مضطجع وبجواره امرأة، فحلفت أسماء ألا تزوره حولا، فقال فى ذلك: «طال ليلى وتعنانى الطرب».

وفى موضع آخر يحكى أبوالفرج الأصفهانى فى كتابه أن امرأة يقال لها الثريا واعدت عمر بن أبى ربيعة أن تزوره، وجاءت فى الوقت الذى حددته، فصادفت أخاه الحارث نائما مكانه وقد غطى وجهه بثوبه، فلم يشعر إلا بالثريا وقد ألقت بنفسها عليه تقبله، فانتبه وجعل يقول: «اغربى عنى فلست بالفاسق حتى انصرفت، ولما جاء عمر أخبره الحارث بخبرها فاغتم لما فاته منها وقال لأخيه: أما والله لا تمسك النار أبدا وقد ألقت نفسها عليك، وعندما تزوجت الثريا سهيل بن عبدالعزيز وفارقت إليه قال عمر بيتيه الشهيرين:

أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان

هى شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمانى

لا تنتهى الحكايات والطرائف والمعلومات التاريخية القيمة والمادة البحثية فى كتاب الأغانى، وإنما تتواصل فى كل صفحة بما يجعله أفضل مرجع ثقافى يمكن أن يحتمى به الشباب فى المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر التطرف والمخدرات والابتذال والفقر الثقافى وانعدام الخيال الذى تعانى منه أجيالنا الجديدة ، وأدعو وزارة التربية والتعليم أن تقرره كمختارات حرة فى مراحل التعليم، فما أحوجنا إلى الذوق والخيال والمناعة الثقافية فى زمننا هذا!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة