عزيزى المواطن القارئ الباحث عن المعرفة والمتابع للكتب الحديثة والإصدارات المختلفة، لقد أصبحت فى مصر مجبرا على الدخول فى زمن الحداثة شئت أم أبيت، ستتخلى عن حبك الأبدى لقراءة الكتاب الورقى وستلجأ للقراءة على طريقة الـPDF، وعليك أن تنسى كل شكواك السابقة عن صعوبة القراءة على أجهزة الكمبيوتر والآلام التى تحس بها فى عينيك وظهرك واستيعابك للمادة للمقروءة، وعليك أن تنسى أيضا الحديث عن رائحة الورق المحببة ومتعة تقليب الصفحات، فالظروف الاقتصادية فى مصر ستجعلك عاجزا عن شراء الكتب الورقية، ولن يصبح أمامك سوى حلين فقط، الأول أن تخفض عدد الكتب التى ستشتريها ورقيا للربع، أو تدلف إلى باب الحداثة راسما على وجهك ابتسامة.
يقول الناشرون، إن ارتفاع سعر الدولار ترك أثره الكبير على مستلزمات الطباعة التى يأتى على رأسها الورق، فقد زاد سعره فى الفترة الأخيرة لنحو %40 عن سابقه الذى كان مرتفعا أيضا بالنسبة لإمكانات دور النشر، وبناء عليه توقع البعض أن يرتفع سعر الكتاب إلى نحو %50، ودور النشر لا تعرف ما الذى عليها فعله فى مواجهة هذا الأمر، وليس أمام أصحابها للخروج من هذه الأزمة سوى مطالبة الحكومة بدعم مستلزمات الطباعة أو إعفاء المكتبات من الضرائب باعتبارها لا تحقق مكسبا، وعن نفسى أعتقد أن الحكومة لن تلتفت لهذه القضية أصلا.
ولما كانت الحكومة مشغولة بقضايا كبرى ليس منها صناعة الكتاب فى مصر ولا مساعدة دور النشر الخاصة، لأنها ليست من القضايا الكبرى، حسب وجهة نظر المسؤولين، لذا أقترح على أهل دور النشر أن يجربوا فكرة النشر الإلكترونى، شريطة أن يعملوا عليها بجد ويعرفوا أنهم مضطرون للبحث عن حلول، وأن العالم تضيق رقعته، وفى حال اتفق الناشر والمؤلف والقارئ على معادلة النشر الإلكترونى سنعيش لفترة قادرين على إيجاد المعرفة قبل أن تظهر مشكلات أخرى تفرض نفسها على عالم النشر.
للأسف المشكلات الاقتصادية لا تنتهى بل تتفاقم، ومهما كانت مبادرات إنقاذ الكتاب الورقى، لكنها أبدا لن تصل للدرجة التى نرجوها ونتمناها، لذا أهلا بنا جميعا فى عالم الحداثة «الإجبارية».