سعيد الشحات

الحسينى النجار

السبت، 13 أغسطس 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن ضيفًا على وسائل الإعلام فيصير نجمًا يعرفه جموع الناس، لكنه كان كبير قومه، ولأنه أحبهم بإخلاص وعاش لهم، وبحث عن قيم الحق والخير والجمال لأجلهم، بادلوه الحب والاحترام والإنصات إلى ما يقول.
 
عرفت الحسينى النجار منذ نحو 30 عامًا، وجمعنى به الهم الوطنى العام، وهو بلدياتى، وتفصل قريتى «كوم الأطرون»، طوخ، محافظة القليوبية، عن قريته «مشتهر» نحو سبعة كيلومترات، ولأنه يكبرنى فى السن بنحو 10 سنوات كان نصيبه المشاركة فى حرب 6 أكتوبر 1973 جنديًا مقاتلًا، وهى الحرب التى زادته فكرًا وهمًا وأملًا وألمًا، فلم يكن يستطيع حبس دموعه وهو يروى حكاياته مع رفاقه الذين استشهدوا، وروت دماؤهم التراب فى المعارك ضد العدو الصهيونى، وكان يتوقف طويلًا أمام الضابط الشهيد حازم النهرى، شقيق الفنان طارق النهرى، وكيف ظلت أمه تنتظره كل يوم فى محطة كوبرى الليمون ربما ينزل من القطار العائد بالجنود من على خطوط القتال فى القناة، حتى بلغها نبأ استشهاده فبكت وأبكت.
 
لم أسمع ولم يسمع غيرى من الحسينى النجار حكاياته عن حرب أكتوبر كاستعراض منه، أو استدعاء أدوار للبطولة، وإنما لكى يقول: كيف لمن قاتل الأعداء، وحمل روحه على كفه أن يفرط فى حقوق الناس البسطاء، المكتوب عليهم وحدهم أن يدفعوا فواتير الدم، للحفاظ على الأرض والعرض، وبهذه العقيدة مضى سنوات عمره مناضلًا ينفق وقته فى كل المعارك الوطنية التى شهدتها مصر، بدءًا من المظاهرات ضد السادات، وضد كامب ديفيد، والتطبيع مع إسرائيل، ثم المشاركة فى كل الاحتجاجات ضد نظام مبارك.
 
وحين هبت ثورة 25 يناير لم يغادر ميدان التحرير لحظة واحدة طوال الـ18 يومًا، خوفًا من أن يضيع الحلم الذى عاش له، وناضل من أجله، كنت أراه فى هذه الأيام كشاب فى العشرين، لا يصدق أنه يرى الحلم الذى عاش له وقد تحقق، ثم واصل نضاله ضد حكم الإخوان حتى 30 يونيو.
 
غادر الحسينى النجار دنيانا يوم السبت الماضى، نظيفًا فى ذمته، طاهرًا فى سيرته، تاركًا وراءه تراثًا سياسيًا عظيمًا فى قريته «مشتهر»، فقد عاش كل قضاياها إيمانًا منه بأن إصلاح الأحوال فى بلدته الصغيرة هو درجة فى سلم إصلاح وطنه الكبير مصر، فليرحمه الله.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة